قرار ضرب المفاعلات الإيرانية موجود منذ زمن لدى الإسرائيليين والأمريكيين ولكن التحضيرات الحقيقية بدأت منذ عملية الإعتداء الإسرائيلي على إيران بعد تنفيذ الأخيرة الرد بعملية الوعد الصادق 2 والتي قام العدوان بعدها بعملية استطلاع بالنار على الدفاعات الإيرانية ودرست نقاط الضعف والقوة وعالجت أمريكا كل نقاط الضعف الصهيونية بالمسائل التالية:
أولا: بتزويد إسرائيل بطائرة الغلولير التي تشوش على الرادارات التي استخدمت في حينه من قبل الأمريكيين شخصيا مع تحييد تجهيزات التشويش على نظام "ج بي إس" الروسي الذي استخدم في هذا الإعتداء من قبل الروس على الأراضي الإيرانية والذي أخرج الصواريخ الإسرائيلية عن مسارها في تلك الحقبة (الروسي لم يكن موجودا في هذه الضربة وربما بموجب اتفاق جانبي)
- التضليل الذي حصل عبر تصريحات أمريكية واسرائيلية تؤكد تأجيل الضربة الى ما بعد جلسة الأحد للمفاوضات في العاصمة العُمانية عمان؛ ولكن ما ساعدهم على اتخاذ القرار كان دائما التأخر في بناء الردع في إيران نابعة من تقديرات موقف خاطئة مبنية على التناقضات بين سياسة الإصلاحيين والمحافظين في إيران في عمليات الردع على مستوى المحور.
الصراع الأمني بين إيران والكيان الصهيوني وذلك بعد أن جمعت إسرائيل الكثير من المعلومات عن القادة الإيرانيين والمفاعلات ومنصات الصواريخ بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية؛ أتت عملية الحصول على المعلومات الحساسة من الجانب الإيراني عن الكيان والإعلان عنها عامل حاسم في التوقيت؛ وذلك قبل أن تقوم إيران بتسييل هذه المعلومات والإستفادة منها علما بأن الإيراني كان يهدف إلى زيادة الردع النووي من الناحيتين الأمنية والعسكرية والتوقيت في ليلة الجمعة عندما يكون القادة في منازلهم كعطلة رسمية في حالات عدم الإستنفار
- تأمين مناطق أمنة لقوات الكيان في أذربيجان وكردستان العراق للعمل الأمني وكقاعدة متقدمة لعمل المسيرات الصهيونية بإتجاه إيران
بدأت العملية مستندة على كل المعطيات المذكورة بإستهاف القادة الإيرانية التي اربكت القيادة الإيرانية في إتخاذ القرار السريع وإستخدام الصواريخ البالستية بطريقة متزامنة مع العدوان كما كان يخطط القادة الإيرانيين وحسب تصريحاتهم؛ مما أدى إلى إمكانية استهداف بعض منظومات الصاروخية الجاهزة.
- نفذ الكيان الصهيوني نفس الخطة التي استخدمها في لبنان أثناء الحرب معتمدا على الذكاء الإصطناعي في تحديد أماكن تواجد القادة وهذه أيضا من النقاط السلبية التي لم يتعلم الإيرانيون من الدروس المستفادة من معارك المحور بشكل عام
- الإستهدافات الصهيونية حصلت على كامل الأراضي الإيرانية في كل المحافظات والأبرز في طهران تم تدمير مركز قيادة الحرس الثوري الإيراني وتم قصف موقع نووي نطنز وهو الاقدم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكذلك موقع خاتم الأنبياء وفي محافظة قم المقدسة استهدفت الدفاعات الجوية لموقع نووي بالإضافة الى مفاعل أراك وموقع بارشين النووي ومصانع ومخازن عسكرية في كرمنشاه ومطار تبريز
- استخدم الكيان الصهيوني صورايخ" ب ت يو" الخارقة للتحصينات في عملية استهداف المراكز النووية والتي تصل الى 30 مترا تحت الأرض؛ وهذه ترمى عادة من فوق الأهداف مما يؤكد تعطل المنظومة الرادارية الإيرانية وتلقائيا تتعطل الدفاعات الجوية ولكن تبين أن كل الأهداف النووية تحتاج إلى خرق التحصينات أكثر بكثير من هذا العمق واما مخازن الصواريخ لا يمكن استهدافها لأنها جميعا في انفاق جبلية عالية التحصين
- الإنجاز الصهيوني على الأراضي الإيرانية حتى الأن ناجح في إستهداف القادة والعلماء وبعض الأنظمة الصاروخية والرادرات المركزية، لكنه فشل في إختراق مخزونات الصواريخ والمفاعلات النووية رغم تدميرالمباني السطحية كونه حتى الأن لا يوجد أي تسريب للأشعة من النقاط المستهدفة وهذا بشهادة الوكالة الدولية للطاقة النووية.
- ما حققه الكيان الصهيوني اليوم من انجازات حقيقية ووهمية تلاشى بسرعة بعد الرد لإيراني على الكيان الصهيوني علما بأن إيران لا تملك خيارا غير الرد العنيف؛ الذي من الممكن عبره قصم ظهر الكيان لإعادة الردع على كل المستويات ولأنها تمتلك قدرات صاروخية فرط صوتية كاسرة للتوازن مع الكيان الصهيوني؛ وأما الخيار الثاني هو الإستسلام كما يريد ترامب لذلك نتوقع أن تستمر عملية الرد، والرد المضاد لمدة أسابيع إلا عندما تستشعر أمريكا خطر الهزيمة على الكيان الإسرائيلي فتقوم بالعمليات الدبلوماسية التي ستؤدي الى نهاية المعركة.
استوعبت إيران الضربة بعد الظهر وتمكنت من تعيين قادة جدد بعد ساعات من إستشهاد القادة وتمكنت من ترميم المنظومة الرادارية وأنظمة الدفاع الجوي فأفشلت الموجة التاسعة من الضربات الصهيونية على إيران وبدأت بالرد على الكيان الصهيوني أول الليل ونجحت في أربع موجات من الضربات على الكيان حتى منتصف الليل؛ وهذا يؤكد أن إيران استلمت زمام المبادرة وبدأت بالرد القاسي على الكيان وهذا من شأنه أن يعيد الردع ومن الممكن أن يتحول إلى كارثة على الكيان بسبب ضعف العمق الجغرافي للكيان مقارنة بسعة العمق الجغرافي للجمهورية الإيرانية.
- استهدفت إيران وزارة الحرب والمركز المالي ووزارة الاقتصاد ومطار بن جوريون، وتل نوف وهي منصة غاز في البحر المتوسط مقابل عسقلان، ومواقع مختلفة في حيفا أما الخيارت المتاحة لإستكمال الإستهدافات الإيرانية في الكيان فهي كثيرة جدا ومنها مصادر توليد الكهرباء ومفاعل ديمونا ومراكز نووية كانت سرية ولكن المخابرات الإيرانية أصبح لديها معلومات كافية عنها.. من الممكن أن تكون الأهداف غير المعروفة في الكيان والتي وصفت بالحساسة أن تكون من ضمن البرنامج النووي كمراكز دراسات مثلا، وهذا يدل على أن المعركة قد بدأت بالفعل ونتوقع أن تستمر لأسابيع، وستكون مدمرة لكلا الطرفين الخاسر فيها من يمتلك عمقا ضعيفا أي العدو الصهيوني بحيث أن تكون نفس القدرات قد استخدمت على مساحة جغرافية كمساحة مثل مساحة إيران أو على مساحة مثل فلسطين المحتلة سيكون التأثير في المساحة الأصغر أكثر تأثرا بالتأكيد.
------------------------------------------------
بقلم: العميد الركن / نضال زهوي
رئيس قسم الإستراتيجية في مركز الدراسات الأنثروستراتيجية