15 - 06 - 2025

الأسد الصاعد" | مسارات موت الحلم النووي الإيراني

الأسد الصاعد

لم يكن فجر الجمعة بزغ بعد في سماء إيران، لكن صفارات الإنذار انطلقت كصرخات مذعورة، في الساعة الثالثة والنصف صباحاً، لتتحول العاصمة الإيرانية إلى جحيم مفتوح، 200 طائرة حربية إسرائيلية انقضت كأسود جائعة في الظلام، تحمل في بطونها 330 صاروخاً دقيقاً، لتكتب فصلاً جديداً في تاريخ صراع الشرق الأوسط، هي لم تكن ضربة عابرة، بل زلزالٌ استراتيجي يُعيد رسم خريطة القوى في المنطقة.

قبل نصف قرن، كانت طهران وتل أبيب متعانقا الجذور حليفين سريين يتشاركان الأسلحة ويتبادلان المعلومات الاستخباراتية، لكن الثورة الإيرانية عام 1979 قلبت الطاولة، وأطلقت إيران على إسرائيل لقب "الورم السرطاني"، وأطلقت أمريكا على إيران "محور الشر". وبدأت حرباً في الظل بين إيران وإسرائيل عبر "محور المقاومة"، وتصاعدت المواجهة ككرة ثلج، حتى بلغت ذروتها في "عملية الوعد الصادق" 2024، عندما أطلقت إيران 300 صاروخ وكوَّنت سحابة نار فوق سماء إسرائيل، لكن القشة الأخيرة كان اليورانيوم المخصب بنسبة 60% – خطوة واحدة تفصل إيران عن القنبلة النووية – وتعاونها المشبوه مع كوريا الشمالية.

ثم حانت لحظات الفزع بخمس موجات من الرعب؛ الموجة الأولى كانت صاعقة إلكترونية من صواريخ التشويش، وشلت عيون الرادارات الإيرانية، وفتحت الطريق للوحوش الحديدية، من طائرات F-35 الشبحية التي اخترقت السماء كأشباح سوداء، يتبعها سرب من F-15 وF-16، في واحدة من أعقد العمليات الجوية منذ حرب الخليج 2003.  

ضربت الموجة الثانية قلب البرنامج النووي؛ بقنابل GBU-28 "محطمة القبب" اخترقت عشرات الأمتار تحت الأرض، تهز منشأة نطنز ومفاعل بارشين، بينما تتصاعد سحب سوداء كأنها نعيٌ للطموحات النووية الإيرانية.

أما الموجة الثالثة فكانت الأكثر إثارة للرعب بصواريخ موجهة بدقة سنتيمترات انقضتْ على مقار وبيوت القادة العسكريين في أحياء طهران الراقية، وفي دقائق معدودة اختفت أسماء كبرى من خريطة السلطة؛ اللواء حسين سلامي (قائد الحرس الثوري) سقط في بيته، واللواء محمد باقري (رئيس الأركان) تبخر مكتبه، والعالم النووي فريدون عباسي (مهندس البرنامج النووي) انتهى مسعاه تحت الأنقاض.  

وردت طهران على ضربة الأسد الصاعد كجرحوانة هائجة، وأطلقت 100 طائرة مسيرة، ولكنها سقطت كلها كالذباب الميت فوق الأردن، وتوعد المرشد الأعلى خامنئي إسرائيل بـ "مصير مرير"، بينما العالم يقف حائراً: فواشنطن نأت بنفسها وأعلنت أنها "لم تشارك في الضربة، لكنها أيدتها ووصفتها بالدفاع المشروع"، والسعودية وصفت الضربة "بالاعتداء الشنيع"، وحذرت مصر من "حريق إقليمي"، وأغلق الأردن سماءه، وكأنه يستعد لعاصفة قادمة.

الدمار في طهران لم يقتصر على المباني، والشخصيات الهامة، بل اخترق النظام العالمي الهش، والمستقبل أصبح على شفا الهاوية فالنفط يقفز 20% كأنه يصرخ تحذيراً من إغلاق مضيق هرمز، والمحادثات النووية تحولت إلى ركام مع إلغاء اجتماع 14 يونيو، و30 ألف جندي إسرائيلي متأهبون على الحدود، بينما حزب الله يلملم صواريخه البالغ عددها 140 ألف صاروخ.

ويبقى الأثر لثلاثة أشباح تلوح في الأفق؛ الكابوس الأسود حيث حرب شاملة تشعل الخليج، وتوقف 30% من إمدادات النفط العالمية، والدفع بالصواريخ الباليستية إلى الواجهة، وحرب الظلال؛ من اغتيالات متبادلة وضربات بالوكالة عبر لبنان واليمن، وخيط الأمل الأخير؛ وساطة عُمان وقطر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وفي الختام، إسرائيل لم تثبت فقط أنها قادرة على ضرب قلب التنين، بل كسرت محظورات وانتهكت محرمات الجغرافيا والسياسة معاً، بضربة غيرت كل شيء، ولكن النصر التكتيكي يحمل بذور إعصار استراتيجي، ففشل إيران في الدفاع عن سمائها قد يدفعها للرد بلا حساب، والعالم يقف على حافة بركان قد يحرق الجميع، والسؤال الذي يطن في أروقة القوى العظمى الآن: هل كانت عملية "الأسد الصاعد" ضربة لاستباق القنبلة النووية... أم شرارة الحرب الكبرى؟ والجواب تكتبه الأيام القادمة، والصمت مشحون فوق سماء الشرق الأوسط

------------------------------------

بقلم:  أحمد حمدي درويش

مقالات اخرى للكاتب

الأسد الصاعد