عقد بمقر السفارة الروسية بالقاهرة، في 11 يونيو الجاري مؤتمر صحفي للإعلان عن انطلاق مشروع “افتتاحية رقص العالم” في مصر، بالتزامن مع العيد الوطني لروسيا. ويأتي هذا الحدث الثقافي البارز ضمن جولة فنية لفرقة “كوستروما” للباليه الوطنية الروسية، تشمل تقديم عروض في دار الأوبرا المصرية وتنظيم ورش تدريبية لطلبة أكاديمية الفنون.
وفي كلمته خلال المؤتمر، أكد السفير الروسي لدى القاهرة، جيورجي بوريسينكو، على عمق الروابط الثقافية والإنسانية التي تجمع بين روسيا ومصر، مشيداً بإسهامات الأساتذة السوفييت في دعم وتطوير فنون الباليه والرقص المصري، وبالزخم المتزايد في التبادل الثقافي بين البلدين.
من جانبه، أشاد المخرج خالد جلال، رئيس قطاع الإنتاج بوزارة الثقافة المصرية، بعلاقات الصداقة الراسخة بين الشعبين، مؤكداً على أهمية التعاون الثقافي ونقل الخبرات الفنية بين المؤسسات الثقافية الروسية والمصرية.
وقدمت إيلينا تسارينكو، رئيسة ومنتجة فرقة “كوستروما”، عرضاً تفصيلياً لمشروع “افتتاحية رقص العالم”، مشيرة إلى أن المبادرة تهدف إلى تعريف شعوب دول البريكس بتاريخ روسيا وتنوعها الثقافي، فضلاً عن خلق منصة مشتركة لتبادل الخبرات بين مصممي وراقصي الباليه الشعبي من مختلف الدول.
وأكدت أن المشروع انطلق في قمة البريكس في قازان هذا العام، وتم تنفيذه بالفعل في الإمارات والصين، على أن يمتد لاحقًا إلى الهند والبرازيل وإثيوبيا وجنوب أفريقيا.
وأوضحت تسارينكو أن المشروع في مصر يتضمن ورشًا تدريبية متخصصة في الرقص الشعبي لطلبة أكاديمية الفنون، بالإضافة إلى تعاون فني مع فرقة “رضا” للفنون الشعبية المصرية، التي ستشارك بعرض مشترك على خشبة المسرح الرئيسي لدار الأوبرا، في تجربة فنية تجمع التراثين المصري والروسي.
كما أعلنت تسارينكو عن تأسيس “تحالف ثقافة الرقص الشعبي لدول البريكس”، كمنصة لتعزيز التعاون الثقافي وتطوير مشاريع فنية مشتركة.
وذكرت أن أكاديمية بكين للرقص وأكاديمية الشارقة لفنون الأداء كانتا من أوائل المنضمين للتحالف، معربة عن أملها في انضمام فرقة “رضا” وأكاديمية الفنون المصرية إليه.
وتضمن المؤتمر مداخلة للسيدة ماريا فيشكينا، مديرة كلية الرقص “مدرسة الباليه الإقليمية”، التي أشادت بالتفاعل المثمر بين الأكاديمية المصرية للفنون والمعهد العالي للباليه مع المشروع، مؤكدة أن ورشة الرقص الشعبي المسرحي التي أُقيمت في 10 يونيو كانت بداية مثمرة لشراكة واعدة.
وأشارت إلى أن الأكاديمية المصرية انضمت إلى حملة “رقصة الصداقة الدائرية”، التي انطلقت في الإمارات، وأبدت رغبتها في توسيع آفاق التعاون عبر التحالف الجديد.
وكشفت فيشكينا عن مشروع “الداتشا الإبداعي الدولي”، المقرر تنظيمه في خريف 2026 بمدينة كوستروما الروسية، والذي يهدف إلى جمع مصممي وراقصي الباليه من دول البريكس في إطار برنامج تدريبي وثقافي متكامل.
وسيتضمن المشروع ورشاً مكثفة، وزيارات لمعالم موسكو التاريخية والثقافية، وفرصة لتبادل الخبرات الفنية، وسيُختتم بحفل استعراضي ضخم بمشاركة جميع الفرق.
وتتحمل روسيا تكاليف الإقامة والتدريب واللوجستيات للمشاركين، مع منحهم الحق الحصري في استخدام الرقصات المقدمة خلال البرنامج، وعلى رأسها رقصة “كالينكا” الشهيرة التي صممها الفنان الروسي البارز يوري تسيرينكو.
ويُشكل المشروع جزءاً من استراتيجية ثقافية أوسع تسعى إلى بناء فضاء إبداعي موحد لدول البريكس، وتعزيز التفاهم المشترك عبر فن الرقص كوسيلة عالمية للتعبير والتقارب بين الشعوب.
ومن المنتظر أن يشارك المتدربون في مهرجان دولي ضخم للرقص تنظمه روسيا في إطار مهرجان الشباب العالمي عام 2027 في مدينة سوتشي.
ويُعد المشروع نموذجاً حياً للدبلوماسية الثقافية الناعمة التي تجمع بين الشعوب من خلال الفن، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون والتبادل في عالم يتسارع فيه الإيقاع السياسي، ويبقى للثقافة الدور الأكثر تأثيرًا واستدامة.