ماهى حكاية المناخ الطائفى هذا الذى ينفث سمومه فى هواء الوطن ويهدد سلامته ويفتت وحدته؟
المناخ الطائفى هذا هو نتاج للانتماءات الثانوية الموروثة والبدائية التى تعطى أوهاما وتخيلا بأنها بديل للدور الذاتى والشخصى الذى يجب أن يلعبه كل مواطن فى إطار الشراكة العامة الوطنية والإنسانية . فينكفئ على الانتماءات القبلية والجهوية والعائلية والمناطقية وبالطبع الدينية. هنا تصبح هذه الانتماءات الثانوية والفرعية هويات فرعية وثانوية بديلا للهوية المصرية الجامعة التى تشكلت عبر التاريخ نتاجا للتعددية الثقافية المصرية التى أثرت وأغنت الثقافة المصرية الجامعة. واخطر مايهدد سلامة الوطن الأن هى هذه الطائفية التى توصف بالطائفية الدينية . فتلك الطائفية تصور لأصحابها أنهم هم الأوصياء والحافظون للدين فى مواجهة الاخر الدينى أو غير الدينى . وكأن الأديان جاءت لكى تكون سببا لمواجهة الإنسان لأخيه الإنسان !!! وليس لتعارف الإنسان مع أخيه الإنسان (إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم) . ومع ذلك نرى ذلك المناخ وتلك السلوكيات الطائفية التى يتصور أصحابها أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة دون غيرهم من البشر . فلا اعتبار لديهم بأن هناك رأى فى مقابل رأى ورؤية فى مواجهة رؤية وان من حق كل طرف التعبير عن رأيه ورؤيته بموضوعية وتقبل من كل طرف للآخر . غير ذلك صراع الديكة غير الموضوعى والمبنى على الذاتية والمصلحة الخاصة التى تتعارض مع المصلحة العامة التى هى مصلحة الجميع لو يعلمون !!!
وجدنا الٱن وللاسف الشديد تلك المعارك الطائفية السخيفة خاصة فى السوشيال ميديا عند أى مشكلة اجتماعية أو حياتية أو قضائية ...الخ. أى لاعلاقة لها بالدين أو العقيدة مع ذلك تتحول بفعل الطائفية وتصبح ليست مشكلة فقط بل حرب طائفية تنقلب إلى حرب دينية لا علاقة لها بالدين ولا بالعقيدة ولكنها الطائفية والتدين الشكلى والظاهرى والفكر الدينى الذى يرفض الاخر وكل اخر !!!
واخر هذه السخافات تلك الشائعة التى قالت إن السعودية تريد نقل جامعة الدول العربية اليها على أن يكون أمينها العام سعودى أيضا .
هذه الشائعة أيا كانت صحتها تحتاج إلى نقاش موضوعى حول إمكانية ذلك وفائدته للجامعة وطريقة تعديل الميثاق الذى يحدد القاهرة مقرا للجامعة .
ولكن نظرا للأحتداد الطائفى الذى مازالت اثاره حول واقعة البحيرة قائما . وجدنا أحد الكتاب المسيحيين فى قناة العربية السعودية ومجاملة لها يقول إنه مع نقل الجامعة للسعودية وان يكون أمينها سعوديا !! ماشى ياعم مبروك عليك وعلى السعودية؛ فمصر هى مصر وستظل بوجود الجامعة وبعدمه . لكن وأه من ولكن هذه؛ وجدناه يعزف على نغمة طائفية حقيرة قائلا ومبررا للنقل للسعودية بأن الجامعة عربية والعرب اصلهم سعودى وليس مصريا . يعنى مع السلامة للجامعة والعرب على اعتبار أنه مصرى وليس عربيا !! هنا استعادة لطرح الحديث عن الهوية المصرية : هل هى فرعونية ( امتدادها مسيحى ) ام هى عربية (إسلامية ) ؟
هنا طرفان متعصبان ومتشنجان يبحثان عن أدوار تحت الكاميرا وعلى حساب سلامة الوطن .
مصر ياسادة هى الدولة الوحيدة التى كانت ومازالت وستظل هى فجر الضمير الانسانى . هى مصر التى أوجدت الشخصية المصرية الواحدة أيا كانت الديانة أو الجنسية الوافدة أو المهاجرة أو المستعمرة فقد صهرتهم مصر ومصرتهم . هذا غير الذين لازالوا يتفاخرون بالانتماء لغير مصر . هنا فمصر أيضا لا تفخر بهم ولن تفخر بهم . أما من يتصورون ويتخيلون الأوهام نقول : أن المصرى الاصيل أو الوافد أيا كان دينه وعرقه وجنسيته هو مصرى ولا فرق بين مصرى ومصرى . فهل نطرد المصريين الوافدين مع الإسلام ؟! وهل نطرد المصريين الأصليين الذى كانوا قبل الاسلام ؟! ياللجهل والغباء .
وهل المطلوب الان طرد كل الامريكان والإبقاء على الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين ؟ وهل مطلوب الان طرد الفرنسيين من بلاد الغال التى أصبحت فرنسا بعد استيلاء قبائل الفرانس عليها وتغيير لغتها ومعتقدها الدينى ؟ هذه فتنة احذروها . مصر لا تتحمل الٱن تلك السخافات من الذين لا يدركون خطورة تلك اللعبة الطائفية الحقيرة . مصر تحتاج إلى توحد كل ابنائها حتى لا نعطى الفرصة لمن لايريد بالوطن خيرا . هذه قضايا الذين لا يجدون طريقا للبناء الحقيقى ولكنهم يبحثون عن طريق يحققون به ذاتهم المريضة . ستظل مصر وطن كل المصريين . مصريون قبل الأديان ومصريون بعد الأديان ومصريون الى آخر الزمان . حفظ الله مصر وشعبها العظيم .
-----------------------------------
بقلم : جمال أسعد