29 - 06 - 2025

رجل الدولة والزعيم!

رجل الدولة والزعيم!

الفارق بين الزعيم الشعبوي، ورجل الدولة، هو مدي مقاومة ضغوط الرأي العام، ومدي فهم الدور اللازم للقيادة والتوجيه في الاتجاه السليم.

الزعيم الشعبوي تقوده عواطفه كي يتخذ مواقف لقطات تصويرية تجلب آهات الإعجاب من الجمهور، بغض النظر عن مدي سلامة تلك المواقف.

رجل الدولة يجتهد في العمل من خلال فريق يعكس بدائل مؤسسية، بغض النظر عما يضيفه ذلك من أصوات في صندوق الإنتخابات.

الزعيم الشعبوي قد يحقق إختراقات غير متوقعة، وقفزات تكتسب شعبية، بغض النظر عن إجمالي الإخفاق الشامل المترتب علي الاستبداد والانفراد بالرأي.

رجل الدولة قد يخفق في بعض قراراته، نتيجة لحسابات خاطئة، إلا أن الطبيعة المؤسسية للحكم تتيح العلاج المستمر، والمحاسبية الواقية.

وربما يقول قائل أن الأفضل أن يجمع رأس الدولة بين الصفتين، أي أن يكون زعيماً شعبوياً، ورجل دولة.

تلك الخلطة التي تبدو عبقرية، أثبتت التجارب التاريخية أنها مجرد أوهام خيالية، فمن الصعب أن يتخلي رجل الدولة عن أسلوب العمل المؤسسي، كي يتمتع بهالات الزعامة العاطفية، وكذلك يستحيل علي الزعيم الشعبوي أن يتحلي ببعض صفات رجل دولة، لأنه ببساطة يعتبر أنه هو نفسه الدولة، والشعب ينقسم إما إلي مبهورين أو منافقين له، أو مجرد خونة.

وانتقال الشعوب من تجربة الزعيم الشعبوي، أبو الشعب، وصانعه الأول وكاتبه الأول .. إلخ ، إلي مرحلة رجل الدولة، ترتبط بمدي التطور الثقافي والاقتصادي لهذه الشعوب، فكلما ارتقت في مجالات التعليم والثقافة، زاد إدراكها وثقتها في إمكانياتها للمشاركة الفعلية في عملية صناعة القرار، وكلما تمتعت بالقدر المعقول من التنمية الإقتصادية، استطاعت أن تفكر بشكل عقلي منفعي لا يتأثر بمسرحيات الزعامة الزاعقة.

لذلك، فإن التعليم والثقافة والإقتصاد، هي أبرز ضحايا الحكم الشعبوي الإستبدادي، وقد قال إحدهم ذات يوم: "كلما قيل لي ثقافة أو مثقفا، تحسست مسدسي".
---------------------------
بقلم: معصوم مرزوق

مقالات اخرى للكاتب

إيران ومعاهدة حظر الإنتشار النووي