عقد السفير الفنزويلي لدى القاهرة، ويلمر أومار، مؤتمرًا صحفيًّا بمشاركة عدد من ممثلي مجموعات التضامن الدولية، استعرض خلاله أبرز التطورات السياسية والاقتصادية في بلاده، مع التركيز على الاستحقاق الانتخابي التشريعي والإقليمي الذي جرى مؤخرًا.
وأكد السفير الفنزويلي أن بلاده تُعد من أكثر الدول التزامًا بالممارسات الديمقراطية، مشيرًا إلى أن فنزويلا أجرت 32 انتخابات دستورية خلال 26 عامًا، دون احتساب خمسة استفتاءات محلية، وهو ما يُعد رقمًا قياسيًّا يعكس حيوية النظام الانتخابي، وتعددية الحياة السياسية.
وسلط اللقاء الضوء على الإطار الدستوري الذي ينظم هيكل الدولة الفنزويلية، حيث تتوزع السلطة بين البلديات، والولايات، والمستوى الوطني، وتُدار كل ولاية من قبل حاكم منتخب ومجلس تشريعي يُمثل سكانها بنظام التمثيل النسبي. كما تضم الدولة وحدات إدارية تشمل الولايات، والمقاطعات الفيدرالية، والبلديات، بما يضمن مشاركة فعالة لمكونات المجتمع الفنزويلي كافة، بمن فيهم السكان الأصليون الذين يُنتخب لهم ثلاثة نواب بمراعاة تقاليدهم.
وحول الاستعدادات للانتخابات التشريعية والإقليمية المقرر لها عام 2025، أشار السفير إلى أن المجلس الوطني للانتخابات حقق خطوات متقدمة، تمثلت في المصادقة على السجل الانتخابي، وتنصيب الهيئات التابعة له، بالإضافة إلى تنظيم عملية اختيار مواقع الأحزاب في بطاقات الاقتراع، وفتح باب الترشح.
وشهدت العملية الانتخابية مشاركة غير مسبوقة من 54 منظمة سياسية وطنية وإقليمية، من ضمنها منظمات تمثل السكان الأصليين، وبلغ عدد طلبات الترشح 36,986 لعدد 6,687 مرشحًا، مع تسجيل توازن ملحوظ في نسب الترشح بين الرجال (53.93%) والنساء (46.07%).
وأظهرت الأرقام الرسمية ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المرشحين مقارنة بالانتخابات السابقة في 2020/2021، وهو ما اعتُبر مؤشرًا على ازدياد الثقة الشعبية بالنظام الانتخابي، وتعزيزًا للديمقراطية التشاركية في البلاد.
وفي الانتخابات التي جرت في 25 مايو 2025، صوّت الفنزويليون لاختيار 285 نائبًا في البرلمان، إلى جانب حكام الولايات الأربع والعشرين ومجالسهم التشريعية، بما فيها إقليم غوايانا إسيكيبا المتنازع عليه.
وأسفرت النتائج عن فوز ساحق لتحالف “القطب الوطني الكبير”، الداعم لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حيث حصد التحالف بقيادة الحزب الاشتراكي الموحد الفنزويلي، أكثر من ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان، واستعاد السيطرة على عدد من الولايات التي كانت تُدار من قِبل المعارضة، منها: زوليا، وباريناس، ونويبا إسبارتا.
وشهدت العملية تنافس أكثر من 6000 مرشح، وسط إشراف حوالي 400 مراقب دولي، من بينهم وفود من القارات الخمس، بالإضافة إلى حضور نحو 80 مراقبًا دوليًّا بدعوة من المجلس الوطني للانتخابات، شملت برلمانيين أفارقة وممثلين عن هيئات انتخابية من 17 دولة إفريقية.
وفي رسائل سياسية مباشرة، شدد السفير الفنزويلي على تمسك بلاده بسيادتها وسلامة أراضيها، رافضًا “عمليات الراية الزائفة” التي تقوم بها جمهورية غيانا التعاونية، ومؤكدًا في الوقت نفسه إحباط محاولة إرهابية، واعتقال عدد من المرتزقة، في دلالة على يقظة السلطات الأمنية.
كما أعلن عن إلغاء تراخيص العمليات الأساسية لشركة “شيفرون” الأمريكية في البلاد، في خطوة تُجسد توجه كاراكاس نحو تعزيز “الاستقلال المطلق” في قطاع النفط، الذي يُعد عصب الاقتصاد الوطني.
وعلى الصعيد العلمي، افتتحت فنزويلا جامعة “هومبرتو فرنانديز موران الوطنية للعلوم”، كأول مؤسسة تعليمية متخصصة في هذا القطاع الحيوي، ما يعكس توجهًا استراتيجيًّا نحو بناء اقتصاد المعرفة رغم الحصار.
وأبرز السفير الفنزويلي الأداء الإيجابي للاقتصاد المحلي، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًّا بنسبة 9.32% في الربع الأول من عام 2025، متجاوزًا معدل العام السابق البالغ 9.13%، في استمرار واضح لمسار التعافي الاقتصادي الذي دخل عامه الخامس على التوالي.
ووجّه السفير الفنزويلي الشكر إلى المراقبين الدوليين، وعلى رأسهم الوفد المصري، مؤكدًا أن مشاركتهم شكلت دعمًا معنويًّا كبيرًا للمسار الديمقراطي في بلاده، ومشددًا على أن فنزويلا أثبتت مجددًا أنها دولة قادرة على إجراء انتخابات حرة وشفافة، تعبر بصدق عن إرادة شعبها.