08 - 06 - 2025

طريقة لعمل العقل ستغير منظورك عن الحياة

طريقة لعمل العقل ستغير منظورك عن الحياة

هل تساءلت يومًا لماذا تظهر بعض الأشياء في حياتك أكثر من غيرها؟

يقول جيم كويك، أبرز مدربي المخ في أمريكا، في كتابه (اللامحدود): "ظلت أختي ترسل لي بطاقات، وصورًا، ورسائل بريد إلكتروني، عليها كلاب باج، تلك السلالة ذات الوجوه الناعمة والعيون الجاحظة. إنها مطيعة للغاية، يمكنك أن تلبسهم زي راقصة الباليه، ولن يبالوا. تساءلت بالطبع لماذا كانت ترسل لي صور كلاب الباج؟ وبعدها تذكرت أن يوم ميلادها كان قد أوشك، وبات من الجلي أنها تترك الدليل؛ لأنها تريد واحدًا.

في وقت لاحق من اليوم نفسه، كنت أدفع الحساب في أحد محلات الطعام الصحي، وكنت أنظر ناحية الطابور الآخر للحساب، عندما تفاجأت برؤية امرأة تحمل جروها (الباج) على كتفها. فكرت: يا للعجب! لم أكن قد رأيت واحدًا منهم لفترة طويلة، لم أكن أتوقع ذلك. 

في اليوم التالي خرجت للجري في الحي، ورأيت شخصًا يُمشي ستة كلاب (باج)

ويأتي السؤال: من أين جاءت كل كلاب (الباج) تلك؟ هل ظهرت بشكل سحري؟ بالطبع لا. لقد كانت هنالكَ دائمًا. ولكن مع فيضان المثيرات الحسية، لم أولِ اهتمامًا لأي منها من قبل. بينما عندما عَبَرت كلاب الباج إلى وعيي، بدأت أراها في كل مكان. 

هل مررت بتجربة مشابهة من قبل؟ ربما كانت نوعًا معينًا من السيارات، أو الملابس، التي بدأت في الظهور في كل مكان (بشكل سحري)". 

يعزو (كويك) تلك الظاهرة إلى (نظام التنشيط الشبكي) في الدماغ، يقول: "تجمع حواسك كل ثانية، ما يصل إلى 11 مليون بيت من المعلومات من العالم حولك. وطبعًا، إذا حاولت ترجمتها وفكها جميعًا في الوقت نفسه، ستكون كالغريق في دوامة. لهذا السبب؛ فإن المخ في الأساس جهاز حذف، حيث أنه مصمم ليُبقي المعلومات في الخارج. في المتوسط، يتعامل العقل الواعي من 50 بيتًا من المعلومات فقط. 

ما المعلومات التي تمر من خلال المرشح (الفلتر)؟ هي تلك التي يحددها نظام التنشيط الشبكي. هذا النظام مسئول عن عدد من الوظائف؛ منها: النوم، والتعديل السلوكي. كما أنه يحرس بوابة المعلومات من خلال عملية تسمى بالأقلمة؛ وهي تسمح للعقل بتجاهل المثيرات المكررة، والتي لا معنى لها، ويظل حساسًا للمُدخلات الأخرى".

إذن كيف نستطيع التحكم في الأمر؟ 

يقول كويك: "أحد طرق إرشاد نظام التنشيط الشبكي، هي الأسئلة التي نسألها لأنفسنا، فهي التي تخبر هذا الجزء من مخنا بما هو مهم بالنسبة إلينا". كما تساءل هو عن سبب إرسال أخته لصور كلاب (باج) فظل يراها في كل مكان. 

ويستطرد: "إذًا في الغالب ما تكون الإجابات التي نريدها موجودة، لكننا لا نسأل الأسئلة المناسبة لتسليط الضوء عليها، نسأل بدلًا منها أسئلة لا فائدة منها أو أسوأ، أسئلة سالبة للقوة. لماذا لستُ ذكيًّا كفاية؟ لماذا لستُ ماهرًا كفاية؟ لماذا لا يُمكنني فقدان الوزن؟ لماذا لا يُمكنني إيجاد الشخص المقدر لي أن أكون معه؟ 

نحن نسأل أسئلة سلبية كتلك، وبعدها تلك الأسئلة تعطينا أدلة كإجابات (أدلة على أنك لست ذكيًا كفاية، لست جيدًا كفاية... وما إلى ذلك).

فالعقل الإنساني دائمًا ما يعمم حتى يجعل الحياة منطقية. وأينما ننظر نجد دليلًا يؤكد على أفكارنا الموجودة مسبقًا".

يقول نابوليون هيل، أحد أبرز كُتاب أمريكا في الثراء واستراتيجيات النجاح: "سواءً ظننت أنك تقدر، أو ظننت أنك لا تقدر، أنتَ على حق". منطقيٌ جدًا؛ لأنه إن ظننت أنك تقدر أو تساءلت (كيف أقدر؟) سيسمح عقلك للإجابات بالمرور إلى وعيك، سيعطيك كل الأدلة على مقدرتك، ويُريك الفرص التي يمكنك أن تقتنصها الآن. بينما إن ظننت أنك لا تقدر، سيعطيك عقلك المزيد والمزيد من الأدلة، ويُريك عشرات العراقيل التي تمنعك من التحرك من مكانك. تتواجد الكثير من الفرص، والكثير من المعيقات، في اللحظة ذاتها، ولكن اتجاه تركيزك قد يجعل كل الفرص في النقطة العمياء من وعيك، ويجعل المعيقات تبدو كأنها وحدها في الصورة، أو العكس.. 

لذلك ندعوك أن تسأل:

 ما سؤالي المُتكرر؟ هل هو سؤال إيجابي أم سلبي؟ هل يُريني الفرص أم العراقيل؟ (علمًا بأن كلاهما موجود في اللحظة الحاضرة) 

ما الأسئلة التي تساءلها عن الآخرين؟ هل هي من نوعية (لماذا لا يوجد أصدقاء حقيقيون؟) أم (كيف أبني صداقات قوية؟)

ما أسئلتك عن الحياة؟ هل هي من نوعية (لماذا الحياة غير عادلة؟) أم (كيف يمكنني تحقيق كل ما أريد؟)

لنكون أكثر وعيًا بما نبحث عنه، وما نركز عليه، وما نسأل عنه.  يقول الله تعالى: ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: 34]

السؤال لا يغير الواقع فقط، بل يوجه حياتك كلها إما سلبًا أو إيجابًا، فاحذر من طبيعة أسئلتك لأنها البوابة التي تعبر منها الحياة إلى وعيك.
---------------------------
تقرير: فدوى مجدي