16 - 06 - 2025

حملات رقمية تستهدف مصر على منصة "X" وشبهات حول وحدة 8200 الإسرائيلية

حملات رقمية تستهدف مصر على منصة

- التحريض الإلكتروني بين مصر والسعودية.. أداة جديدة في الصراع الإقليمي
- هل تقف الوحدة 8200 الإسرائيلية وراء حملات التحريض بين مصر والسعودية؟

شهدت منصة "X" (تويتر سابقًا) خلال الأيام الماضية، تصاعدًا ملحوظًا في نشاط عدد من الحسابات التي تدَّعي انتماءها إلى المملكة العربية السعودية، والتي نشرت محتوى مسيئًا يستهدف الدولة المصرية ومؤسساتها وشعبها.

أثار هذا التصعيد الرقمي جدلًا واسعًا وردود فعل غاضبة، وسط تساؤلات حول هوية هذه الحسابات وأهدافها الحقيقية.

مضامين عدائية وتكرار ممنهج

عبارات مهينة وانتقادات حادة موجهة للسياسات المصرية وللشعب المصري، تضمنتها التغريدات التي نشرتها هذه الحسابات، بالإضافة إلى مقارنات تهكمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي للشعب المصري، كما لوحظ تكرار أنماط معينة في أسلوب الخطاب وتوقيت النشر، مما دفع مراقبين إلى الاعتقاد بأن هذه الحسابات ليست تعبيرًا فرديًا عن رأي عام، وإنما جزء من حملة منظمة وممنهجة.

مؤشرات على نشاط موجّه

كشف تحليل أجراه المركز المصري لرصد السلوك الرقمي أن أكثر من 60% من الحسابات المشتبَه بها تم إنشاؤها خلال أقل من عام، وتفتقر إلى تفاعلات طبيعية أو نشاط بشري حقيقي، مع اعتماد واضح على إعادة نشر محتوى تحريضي من حسابات محددة.

وتشير المؤشرات التقنية إلى تكرار العبارات المفتاحية وسرعة النشر غير المنطقية، ما يدل على استخدام أدوات آلية أو وجود تنسيق جماعي يهدف إلى تضليل الرأي العام وتأجيج التوتر بين الدول، وترتبط هذه الأنماط من النشاط الرقمي عادةً بحملات ممنهجة تُدار بأساليب مدروسة تتجاوز التعبير الفردي العفوي، وتعكس خلفيات تقنية وسياسية معقدة.

دور محتمل لوحدة 8200

في ظل تصاعد هذه الحملات الرقمية المنظمة، أشار محللون إلى احتمال تورُّط جهات خارجية في إدارة هذه الأنشطة، وعلى رأسها وحدة 8200 الإسرائيلية، إحدى أكبر وحدات الاستخبارات الإلكترونية التابعة للجيش الإسرائيلي.

وتشتهر وحدة 8200 بقدراتها المتقدمة في مجال التنصت الإلكتروني، وتحليل البيانات الضخمة، وتنفيذ الهجمات السيبرانية النفسية، وقد وثقت تقارير دولية دور الوحدة في زرع الفتنة الرقمية وتأجيج الخطابات الطائفية والسياسية في دول المنطقة عبر استخدام حسابات مزيفة وشبكات تأثير ضمن بيئة الإعلام المفتوح.

ويرى المختصون أن هذه الحملات قد لا تكون مجرد ردود فعل على خلافات عابرة، بل جزءً من استراتيجيات تسعى إلى تقويض التماسك العربي وإضعاف الروابط بين دول إقليمية محورية، وسط واقع سياسي معقد ومتشابك.

رفض للفتنة الرقمية

لاقى هذا التصعيد رفضًا واسعًا من مستخدمين مصريين وسعوديين على حد سواء، الذين أكدوا أن مثل هذه المحاولات لا تمثل الشعوب ولا تعكس حقيقة العلاقات بين البلدين، والتي تتسم بالتقلبات والتحديات في آنٍ معًا.

وغرّد الكاتب السعودي عبدالله المالكي قائلاً" أي محاولة لضرب العلاقة بين مصر والسعودية عمل خبيث، ويجب الحذر من الحسابات المجهولة التي تسعى لبث الفتنة بين الأشقاء."

دعوات لتعزيز الحصانة الرقمية

أطلقت مؤسسات مجتمع مدني مصرية وعربية حملات توعوية، تدعو المستخدمين إلى التحقق من مصادر المحتوى وعدم الانجرار وراء الاستفزازات الرقمية، مشيرة إلى أن ما يحدث يُعد جزءًا من "حروب الجيل الخامس"، حيث تُستخدم التكنولوجيا كأداة لبث الفرقة والفوضى.

وتناولت دراسات وتقارير تأثير حروب الجيل الخامس على الأمن الفكري في مصر، مثل دراسة نجلاء محمد عاطف مصطفى خليل التي تم نشرها في مجلة كلية الآداب بقنا، والتي تناولت تأثير حروب الجيل الخامس على الشباب المصري وأثرها في الأمن الفكري

كما تناولت دار الإفتاء المصرية في تقرير لها "دور الجماعات الإرهابية في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من حروب الجيل الخامس"، مؤكدة على ضرورة التوعية لمواجهة هذه التحديات.

مواقف متباينة تجاه قضايا إقليمية حساسة

تسلط هذه الأزمة الرقمية الضوء على هشاشة البيئة المعلوماتية في المنطقة، وسهولة استغلالها لإثارة الصراعات بين الشعوب، حتى بين دول ترتبط بعلاقات رسمية وثقافية متشابكة. كما تبرز الحاجة الملحة إلى تطوير منظومة عربية مستقلة للأمن السيبراني، تكون قادرة على التصدي لحملات التضليل والتلاعب الرقمية العابرة للحدود.

ورغم وجود تعاون وتنسيق بين بعض الأطراف الإقليمية، إلا أن التباينات السياسية تتفاقم بفعل مواقف متباينة تجاه قضايا إقليمية حساسة، ففي حين أظهرت السعودية دعمًا واضحًا لإدارة ترامب خلال فترتها الأخيرة، بما في ذلك مواقف مؤيدة لسياسات التطبيع مع إسرائيل، وهو ما قوبل بانتقادات واسعة في الأوساط العربية باعتباره مخزيًا ومخالفًا لتطلعات الشعوب، تبنَّت مصر خلال قمة بغداد موقفًا أكثر تحفظًا تجاه ملف التطبيع، مؤكدة على ضرورة تعزيز التضامن العربي ورفض التنازلات التي قد تقوض القضية الفلسطينية.

تعكس هذه التباينات واقعًا إقليميًا معقدًا يتطلب مقاربة سياسية متوازنة وواقعية، مع التركيز على حماية المصالح الوطنية وتعزيز الاستقرار والأمن المشترك.


-----------------------------------
من المشهد الأسبوعية