14 - 06 - 2025

الشاعرة آمال صالح لـ"المشهد": ثراء تجربتي في الغربة تعكسه قصائدي بالعربية والفرنسية

الشاعرة آمال صالح لـ

- أواجه تعقيدات العالم المعاصر وقبحه برومانسية تنشد الجمال 
- بطبيعتي إنسانة عفوية جدا وشعري مرآة لعفويتي
- أحرص سنويا على المشاركة في فعاليات معرض القاهرة للكتاب
- أفخر بمتابعة الإعلام التونسي لإنتاجي الأدبي والصحفي رغم الغربة

آمال صالح شاعرة تونسية، تقيم في فرنسا منذ نحو عشرين عاما. صدرت لها أربعة دواوين: "ابتسامة ودموع"، "إرث الحنين"، "وطني الأخضر" و"رائحة الكلمات". وضمَّتها أنطولوجيا شعرية صدرت في باريس عام 2024 مع شعراء فرنسيين، بما أنها تكتب أيضا بالفرنسية. وكُتِبت عن شعرها دراسات عديدة، من جانب نقاد عرب، منها دراسة تضمنها كتاب "تأملات في الشعر النسوي العربي المعاصر" للدكتور رحيم الغرباوي، تعتبرها الشاعرة بصمة في مسيرتها الأدبية. 

وطول فترة إقامتها في فرنسا، دفعها للكتابة بالفرنسية، وتقول عن ذلك: "الحياة اليومية تفرض عليَّ التكلم باللغة الفرنسية، فكان طبيعيا أن تكون لي تجربة شعرية بهذه اللغة". وتضيف: "أنا بطبيعتي إنسانة عفوية جدا وشعري هو مرآة لذلك. وجدت في نفسي رغبة في أن أكتب باللغة الفرنسية؛ فكتبت وأرسلت ما كتبته لشاعر فرنسي كبير له أكثر من ثلاثين مؤلفا ونال العديد من الأوسمة، فأعجبه ما كتبته وضمَّني إلى دائرة الشعراء الفرنسيين. وعموما أنا أؤمن بأن لكل لغة سحرها". 

فيما يلي حوار لـ"المشهد" مع الشاعرة التونسية الفرنسية آمال صالح:

* ماهي رؤيتك للمشهد الشعري العربي؟ 

- يزخر المشهد العربي بالأقلام المبدعة، ولكن للأسف نفتقد التظاهرات الثقافية، والتكريمات التي ترفع من مكانة المثقف وتوليه دورا رياديا في المجتمع. نفتقد الزيارات إلى الدول العربية حتى نتبادل تجارب الكتابة وحتى تنشط الساحة الثقافية. أتمنى أن يكون للأدب والشعر ما لغيره من حظوظ حتى نشجع الأجيال الصاعدة على أن تقرأ وأن تكتب.

* في قصائدك هناك الكثير من الأسى الرومانتيكي، ما تفسير ذلك؟

-الرومانسية بالتأكيد، على الأقل من وجهة نظري، هي من أكبر المدارس الأدبية، من منا لم يتأثر بهذه المدرسة وبشعرائها؟ هي حسب رأيي ملهمة للأديب ونحن في حاجة ماسة لما تمنحنا إياه من الجمال. أما بالنسبة للأسى، فيرجع ربما إلى أن النص الذي أكتبه ينطلق من الذات ولكنه منفتح في الوقت نفسه على القارىء. النص حين يخرج من الكاتب يصبح ملكا للقارىء. وهذه ميزة النص النثري حيث تتعدد فيه القراءات ويمكن أن يجد كل قارىء ذاته فيه.

جمال الشعر

* في عصر يتحارب فيه البشر، عبر الهوية والمعتقد، والجغرافيا، كيف ترين مستقبل الشعر؟

-الشعر هو دعوة للمحبة والجمال. الشعر هو ما يخرجنا من محدودية الأنا، ومن المعتقدات الفئوية، ومن التفرقة العنصرية، والكثير من التعقيدات التي تغزو عالمنا المعاصر، إلى فضاء شاسع تتلاءم فيه كل المعتقدات وتتعايش بسلام. الأدب خلق لنبذ كل ما يفرق الإنسان عن أخيه الإنسان. الكلمة نبع للمحبة ونبذ الكراهية والعداء.

* أين انت من الجوائز التونسية أو العربية، عموما؟

-الحمد لله أنني في باريس أنتمي إلى اتحاد الصحفيين والكتاب العرب برئاسة الأستاذ علي المرعبي، والذي كرمني في معرض الكتاب الدولي في باريس سنة 2024. أيضا كرمت في اليوم العالمي للغة العربية والذي نظمه أيضا اتحاد الصحفيين والكتاب العرب بقاعة عدن الثقافية التابعة للسفارة اليمنية في باريس بحضور نخبة من الإعلاميين والمثقفين والدبلوماسيين العرب. بالنسبة لتونس كان تكريمي بشكل آخر، وذلك باستضافتي في العديد من البرامج الاذاعية والتلفزيونية التونسية. والحقيقة هذا فخر لي واعتزاز أن بلدي ترفع من مكانة المثقف وتتابع أعماله حتى وإن كان مغتربا.

* من كان له فضل اختيارك للشعر، وخاصة قصيدة النثر؟

- كثيرون بالتأكيد، من أبرزهم نزار قباني، أدونيس ومحمود درويش.

انفتاح مصر

* حدثينا عن رؤيتك، لماهية وجودك الأخير، بفاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، وليتك، تحدثينا، عن إنطباعاتك، عن الكتابة/ الشعر/ الآداب/ الفن، في مصر

- مصر بصراحة عصية على الوصف. هي الأم التي تحتضن كل العرب بقلب رحب. حين زرت مصر كنت وكأنني ذاهبة لزيارة أهلي، وقد كتبت مقالات عن هذه الزيارة وعن تقدير المصريين للأدب والأدباء. أشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب كل سنة، وأحب أن أنتهز هذه الفرصة لتوجيه التحية عبر "المشهد" للصحافة المصرية التي تبرز الأديب العربي مهما كانت جنسية مبدعه. ميزة مصر الكبرى هي الانفتاح على الأدب بمختلف اللغات ومن مختلف الثقافات. 

*كيف تعامل النقاد مع دواوينك؟

- لم أكن أتصور كم التفاعل مع كتاباتي من كبار النقاد العرب وخاصة في العراق الشقيق. في بداياتي تابعني من القراء في العراق وكلمة حق تقال أنا أعتبر أن في كل قارىء عراقي شاعر. والنقاد العراقيون اهتموا بكتاباتي وكان في هذا الاهتمام دعم كبير لتجربتي الإبداعية. وأقول لهؤلاء النقاد إنني ممتنة جدا لهم. هذه العوامل جعلتني اندمج في الساحة الثقافية العراقية بشكل خاص، فانضممت لإدارة العديد من المجلات والصحف مثل مجلة "سطور" الأدبية، وجريدة "المدارات" الثقافية برئاسة الإعلامي أحمد مالية. في مصر أيضا لي نشاطات مع الأديب ناصر رمضان حيث انضممت أيضا لمجلة "أزهار الحرف".

مكامن الجمال

* هل تحقق الكتابة لك خلاصا ما؟ 

-ليس هناك خلاص. الشعر بالنسبة لي هو حلم متواصل، بحث مستمر عن مكامن الجمال. الخلاص الوجودي نبحث عنه دوما في كل معضلة إنسانية، وفي كل ما هو غير عادل. نريد للإنسان السمو والسلام، وهذا أمر لم يتحقق بعد. نحن بالكلمات نريد ترسيخ دعائم عالم يزخر بالحب والجمال والعطاء الإنساني. 

* حدثينا عن حصاد رحلتك في الغربة؟

-الحصاد هو الانفتاح على عدة ثقافات أخرى، على قدرة التعايش والتعبير الإنساني،وعلى ثراء هذه التجربة ثم نقلها للقارىء.
-----------------------------
حوار: حسين عبد الرحيم

...