01 - 06 - 2025

في مواجهة التحديات والمؤامرات نحتاج إلى صفحة جديدة ونافذة للهواء والحرية

في مواجهة التحديات والمؤامرات نحتاج إلى صفحة جديدة ونافذة للهواء والحرية

لا بد أن نصارح أنفسنا بأن مجتمعنا العربي كله في احتياج لفتح النوافذ، وتنسم مزيد من هواء الحرية. فكما قال يوسف إدريس إن الحريات الممنوحة في الوطن العربي كله لا تكفي كاتبًا واحدًا. والمعادلة الصعبة الآن أننا نواجه تحديات خارجية وداخلية عظيمة؛ فهناك مؤامرات تستهدف مياه النيل، ومؤامرة التهجير القسرية لفلسطينيي غزة إلى سيناء، والولايات المتحدة وإسرائيل تعلنان عن ترتيبات جديدة للمنطقة، وهناك التحديات الاقتصادية، وهناك من يتربص للانقضاض على الوطن وطرح نفسه كبديل متاجرًا بالدين. كل هذه الأجواء تتطلب فتح صفحات جديدة وتبني سياسات جديدة.

القضية الفلسطينية: اختبار الضمير

لا يمكن الحديث عن الفن والحرية دون التوقف عند القضية الفلسطينية، التي تظل محكًا أخلاقيًا حقيقيًا لضمير الفنان والمثقف. فبينما اتخذ كثير من الفنانين العرب مواقف شجاعة في الدفاع عن فلسطين، اختار آخرون الصمت أو التواطؤ، إما خوفًا أو طمعًا في مكاسب.

ورغم التحديات، لا يزال الشباب العربي معنيًا بالقضية، يتفاعل معها عبر المنصات الرقمية، ويستخدم الفن كأداة مقاومة، من الموسيقى والرسم إلى الفيديوهات القصيرة. وتبقى رسائل الفنانين المنحازين للحق الفلسطيني دليلًا على أن الفن يمكن أن يكون سلاحًا في مواجهة الاحتلال، لا أداة دعائية للأنظمة فقط.

إن التفاف الشعب حول القيادة في مواجهة مؤامرة التهجير يتطلب فتح صفحة جديدة ونوافذ جديدة، وهو ما يطرح تساؤلًا: ألم يأنِ الأوان لإصدار عفو عام عن سجناء الرأي من الفنانين أو رسامي الكاريكاتير أو أساتذة الجامعات الذين عبّروا عن آرائهم بطريقة لم تُرضِ ولم تُعجب المسؤولين؟
ألم يحن الوقت للإفراج عن كل من لم يُدن بعمل إرهابي أو جريمة قتل أو تخريب أو حرق؟

لقد استبشر الكثيرون بالإفراج عن بعض الأسماء والمحبوسين، واعتبروا أن أول الغيث قطرة، ولكن اللحظة التاريخية تتطلب تسامحًا واصطفافًا وطنيًا أوسع، وتتطلب أن ننظر إلى خطورة ما يحيق بنا داخليًا وخارجيًا.

هناك تحديات اقتصادية وغلاء، وشعب يتحمل بصبرٍ وحبٍ، متأملًا أن يأتي الغد بحياة أفضل. هناك تحديات التعليم لأجيال تحاول أن تجد لها مكانًا تحت الشمس. هناك تحديات سد النهضة ومحاولات تسييسه وفرض شروط على مصر لم ولن تقبلها في تاريخها.

كل هذا يدفعنا للتساؤل:
هل حانت اللحظة التي يجب أن نفرج فيها عن معتقلي الرأي؟
هل حان الوقت لإصلاحات اقتصادية تخفف من وطأة الفقر والعوز لقطاع كبير من شعبنا؟

حتى لا يستغل أي فصيل هذه الحالة فيُلقي مزيدًا من الحطب على مستصغر شرر قد يشتعل في أي لحظة. لماذا نقدم له أسبابًا لتأجيج نار لن تنطفئ بسهولة إذا اشتعلت، وخلق فوضى لن تُبقي ولن تذر؟

في هذه المرحلة، أتصور أن أسماء كـأشرف عمر، وعلاء عبد الفتاح الذي تحتضر أمه حسرةً عليه، والكاتب أحمد سراج، ود. عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي... أتصور أن كل هؤلاء يحتاجون إلى إعادة النظر في وضعيّاتهم وفي ملفاتهم، وأن نمنح أنفسنا ونمنح الوطن فرصة لمزيد من التماسك، ونوسّع من أفق الحرية، وندرك أن أي تجاوزات في الممارسة الديمقراطية تعالج بمزيد من الديمقراطية.
----------------------------
بقلم: إيمان النقادي

.

مقالات اخرى للكاتب

في مواجهة التحديات والمؤامرات نحتاج إلى صفحة جديدة ونافذة للهواء والحرية