في عالم الإبداع، هناك أعمال تولد لتُنسى، وأعمال تولد لتبقى، لأنّها ببساطة وُلدت من عمق الفكرة، ومن صدق الرؤية، ومن شغف لا يُدرَّس في أي منهج.
حينما نتحدث عن الشعار البصري للمتحف المصري الكبير، لا يمكن تجاهل ما قدّمه الفنان والمصمم القدير الدكتور عادل عبد الرحمن في عام 2014، حين شارك برؤية متكاملة في مسابقة رسمية لتصميم الشعار، قدّم خلالها تصميمًا شديد التفرّد، جمع بين الحداثة والهوية، وبين روح الحضارة ومفردات الجمال المعاصر.
كان تصميمه تجريدًا راقيًا لهرم لا يُشبه أي هرم، وتركيبة متوازنة لا تُقلّد، بل تُلهم. توت عنخ آمون في قلب التكوين، كرمز نابض للحضارة، وخط عربي وإنجليزي مُنسّقان بعناية تليق بمكانة المشروع نفسه.
واليوم، وبعد مرور سنوات، يظهر الشعار الرسمي المُستخدم حاليًا، متقاطعًا – بشكل لافت – مع التصميم الذي قدّمه الدكتور عادل. تشابه في البناء، في الزاوية، في توزيع العناصر، وحتى في التكوين العام. قد يقول البعض: صدفة. وقد يقول آخرون: توارد خواطر. ولكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن هناك جهدًا فكريًا أصليًا قد بُذل، ورؤية بصرية سباقة تم تقديمها حين طُلبت، ويستحق صاحبها على الأقل أن يُذكر، ويُشكر، ويُقدَّر.
نحن هنا لا نبحث عن خصومة، بل عن عدالة ناعمة، وإنصاف هادئ. نحن لا نتهم أحدًا، بل نسلّط الضوء على ما لا يجب أن يُظلَم.
الدكتور عادل عبد الرحمن ليس مجرد مشارك في مسابقة، بل هو صاحب مدرسة بصرية، وأستاذ لمئات الفنانين والمصممين، وإن لم يكن اسمه على الشعار، فبصمته فيه لا تخفى على عين مدرّبة، ولا على عقل مُنصف.
من حق الفكرة أن تعيش، ومن حق صاحب الفكرة أن يُحتفى به. ومن واجبنا – كأبناء للحضارة نفسها – أن نرفع الصوت حين يُهمّش من يستحق، ونقول: شكرًا يا دكتور عادل، لأنك فكّرت، واجتهدت، وصممت، وزرعت فكرة أثمرت، حتى لو لم يُكتب اسمك على جدار المتحف، فقد كُتب في ضمير كل من يرى ويقارن ويفهم.
------------------------
بقلم: محمد عبدالحميد