01 - 06 - 2025

الجيش اللبناني ينزع أسلحة حرب الله بمساعدة معلومات استخبارية إسرائيلية!!

الجيش اللبناني ينزع أسلحة حرب الله بمساعدة معلومات استخبارية إسرائيلية!!

قام الجيش اللبناني بنزع سلاح حزب الله في معاقله الجنوبية إلى حد كبير، وتم ذلك في جزء منه بمساعدة من الاستخبارات الإسرائيلية، على حد قول صحيفة وول ستريت جورنال، في ظل سعي الحكومة اللبنانية الجديدة إلى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى موجة قتال عنيفة مع إسرائيل العام الماضي، غير أن ذلك لم يمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مواقع جنوب لبنان بعد ساعات من نشر التقرير. 

وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إنهم تفاجأوا بشكل إيجابي من التقدم المحرز، الذي كان حاسماً في الحفاظ على الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها في نوفمبر. والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان بمقدور الدولة اللبنانية استكمال المهمة في الجنوب وتوسيع جهودها لتشمل باقي أنحاء البلاد. 

وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، وهو يضرب قبضتيه على طاولة طعام: “يجب أن تحتكر الدولة السلاح في كافة الأراضي اللبنانية”. وذكر سلام أن الحكومة اللبنانية حققت نحو 80٪ من أهدافها في نزع سلاح المناطق الجنوبية القصوى من البلاد. 

وقال مسؤولون عرب رفيعو المستوى إن المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية التي نُقلت عبر الولايات المتحدة ساعدت الجيش اللبناني في العثور على مخازن الأسلحة المتبقية ومواقع حزب الله العسكرية وتدميرها في الجنوب.  

ويقول الجيش اللبناني إنه يدمر بعض الأسلحة التي يصادرها من حزب الله، لكنه يحتفظ بما يمكن استخدامه لدعم ترسانته المتواضعة. وقد سمحت هذه الجهود للجيش اللبناني بإرساء سلطته جنوب نهر الليطاني، مسيطراً على نقاط الدخول والخروج في منطقة كانت خاضعة منذ زمن طويل لسيطرة حزب الله. 

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي: “نرى الكثير من المناطق التي يظهر فيها الجيش اللبناني فاعلية تفوق التوقعات”.  وأضاف: “الجيش الإسرائيلي راضٍ عموماً عن هذا التوجه، ونتوقع استمراره”. كما تروج الحكومة اللبنانية لخطة متعددة المراحل لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية المسلحة في البلاد، والتي تنشط في الغالب داخل مخيمات اللاجئين المكتظة.  

ونفذت الأجهزة الأمنية اللبنانية في أبريل، حملة على خلية فلسطينية مسلحة يُزعم تورطها في إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، واعتقلت عدداً من أفرادها في خطوة نادرة. وينص اتفاق وقف إطلاق النار على أن تبدأ جهود نزع السلاح جنوب نهر الليطاني، الذي يمتد موازياً للحدود مع إسرائيل تقريباً، وقد دعا سلام والولايات المتحدة إلى نزع سلاح حزب الله في باقي أنحاء البلاد أيضاً. 

وبحسب مسؤولين أمنيين لبنانيين كبار، فإن حزب الله تعاون في جهود نزع السلاح في الجنوب، واضطر للتنازل عن السيطرة الأمنية في مناطق أخرى، مثل مطار بيروت. ويقول أشخاص مطلعون على تفكير حزب الله إن الجماعة تحاول كسب نقاط سياسية داخلية من خلال إظهار التعاون، في وقت تسعى فيه البلاد للحصول على تمويل لإعادة الإعمار من دول غربية وخليجية عربية تعادي حزب الله وتضع شروطاً على المساعدات المالية. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان حزب الله سيتعاون في جهود نزع السلاح في بقية البلاد. 

وقالت رندة سليم، الباحثة في معهد السياسة الخارجية التابع لجامعة جونز هوبكنز: “ما لم يكن حزب الله مستعداً وجاهزاً لنزع سلاحه طوعاً، فلا أرى سيناريو تتخذ فيه الحكومة اللبنانية قراراً بنزع سلاحه بالقوة”.  وأضافت: “ينبغي عليهم أن يجعلوا رفض حزب الله لنزع سلاحه غير مقبول سياسياً ومكلفاً من خلال ربط إعادة إعمار المناطق ذات الغالبية الشيعية بنزع سلاحه”. 

ويشكل نزع سلاح حزب الله مخاطرة سياسية لحكومة نواف سلام، فقد امتلك للحزب نفوذًا كبيرًا في لبنان، ويملك ايضا مئات الآلاف من المؤيدين المتحمسين، ومعظمهم من أبناء الطائفة الشيعية في البلاد.  وقد نشأ الحزب في ثمانينيات القرن الماضي، خلال الحرب الأهلية اللبنانية والغزو الإسرائيلي الذي أعقبه احتلال دام لعدة سنوات، وقد بنى الحزب منذ ذلك الحين، قوة عسكرية كبيرة بدعم من إيران، ليصبح واحداً من أقوى الميليشيات غير الحكومية في العالم. لكن حزب الله تعرض لانتكاسة كبيرة، ما فتح المجال أمام الدولة اللبنانية، التي كانت ضعيفة لفترة طويلة، لتعيد فرض وجودها.  

فقد أدت حملة إسرائيلية استمرت شهرين، شملت عمليات استخباراتية وغارات جوية ومناورات برية، إلى القضاء على قيادة حزب الله وتدمير جزء كبير من ترسانته، وأسفرت المعارك عن مقتل آلاف اللبنانيين وأضرار بمليارات الدولارات، مما ألحق ضرراً بسمعة حزب الله داخلياً، حتى بين بعض أنصاره. وتقول قوات اليونيفيل، قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، إن إسرائيل نفذت مئات الضربات في لبنان منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، وتقول إسرائيل إنها تستهدف مواقع تابعة لحزب الله، بما في ذلك في بيروت، كما تنشر قواتها في مواقع عدة في جنوب لبنان. ولا يزال موقف حزب الله من نزع السلاح، ودوره في المجتمع اللبناني، ومستقبله كمقاومة مسلحة ضد إسرائيل غامضاً، في ظل محاولاته التعافي من الحملة العسكرية الإسرائيلية المربكة. وقد شدد مسؤولوه على ضرورة احتفاظ الحزب بسلاحه، مشيرين إلى ضعف الجيش اللبناني، ووجود عدو قوي يتمثل في إسرائيل، فضلاً عن عنف الجماعات السنية المتطرفة التي تستهدف الأقليات الدينية في سوريا، الجارة الأخرى للبنان. 

وقال النائب إبراهيم الموسوي، ممثل حزب الله في البرلمان اللبناني، في مقابلة: “أسلحة حزب الله التي لا تزال موجودة في بعض المناطق هي نقاط قوة للبنان”. لكن إعادة التسلح قد تكون صعبة، فقد خسر الحزب مسارات تهريب أسلحة رئيسية كانت تمر عبر سوريا من إيران، بعد أن أطيح ببشار الأسد في ديسمبر، وحلت محله حكومة معادية لإيران وحزب الله، كما تضررت قدرته على إدخال الأموال عبر مطار بيروت بسبب تشديد الرقابة الحكومية. 

وتتزايد المخاوف في لبنان بشأن ما قد يحدث إذا رفض حزب الله السماح بمواصلة نزع السلاح شمال نهر الليطاني. ويقول مسؤولون رفيعو المستوى في كل من حزب الله والحكومة اللبنانية إنهم يأملون في تجنب اندلاع عنف داخلي لبناني، وهو أمر يخشاه كثير من اللبنانيين الذين عانوا لعقود من النزاعات الأهلية. ومن غير المرجح أن يواجه الجيش اللبناني حزب الله عسكرياً، وقد حرص تاريخياً على تجنب ذلك، فالجيش يعاني من قلة العتاد والعديد، واضطر على الدوام إلى التعامل بحذر مع الانقسامات الطائفية الحساسة في البلاد، التي تضم مكونات مسيحية وسنية وشيعية ودرزية بارزة. 

وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام: “لا نريد أن نضع البلاد على طريق الحرب الأهلية، لكن صدقني، هذا لن يؤثر على التزامنا بضرورة توسيع وترسيخ سلطة الدولة”.