17 - 06 - 2025

سفير إيطاليا بالقاهرة: الثقافة جسر إنساني حيّ يعمّق التفاهم ويقود نحو المستقبل

سفير إيطاليا بالقاهرة: الثقافة جسر إنساني حيّ يعمّق التفاهم ويقود نحو المستقبل

أكد السفير الإيطالي لدى القاهرة، ميكيلي كواروني، أن الدبلوماسية الثقافية تُمثل أداة فاعلة لتقريب الشعوب وتجاوز الحدود الجغرافية، إذ تتيح لغة إنسانية مشتركة تُعبّر عن القيم الحضارية وتتخطى الحواجز السياسية، مشيرًا إلى أن الروابط الثقافية بين مصر وإيطاليا تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، ولا تزال تنبض بالحيوية من خلال المبادرات المشتركة، بما يعزز مسارات التعاون البنّاء ويعمق الفهم المتبادل بين الشعبين.

جاء ذلك خلال كلمته في مؤتمر صحفي عُقد صباح اليوم الخميس بالمتحف المصري بالتحرير، نظمته وزارة السياحة والآثار – ممثلة في المجلس الأعلى للآثار – للإعلان عن تفاصيل معرض “كنوز الفراعنة” الذي تستضيفه العاصمة الإيطالية روما في أكتوبر المقبل، بالتعاون مع السفارة الإيطالية بالقاهرة وقاعة “سكوديري ديل كويريناله”، إحدى أبرز قاعات المعارض في إيطاليا والتابعة لرئاسة الجمهورية.

السفير الإيطالي وصف المعرض المرتقب بأنه تجسيد حي لفكرة الثقافة كجسر بين الأمم، إذ يلتقي في تنظيمه مؤسسات وخبراء ومواطنون من كلا البلدين، مما يعكس أن الثقافة لا تُعبّر فقط عن الماضي، بل تفتح آفاقًا جديدة نحو المستقبل. حضر المؤتمر عدد من الشخصيات الرسمية، من بينهم الدكتور محمد إسماعيل الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور خالد مؤمن رئيس قطاع المتاحف، إلى جانب ممثلين عن الجانب الإيطالي.

وفي السياق ذاته، عبّر الدكتور فابيو تاليافيري، رئيس مجلس إدارة شركة ALES – الذراع الثقافي لوزارة الثقافة الإيطالية – عن اعتزازه بالشراكة التي أثمرت عن هذا المعرض، مشيرًا إلى أنه يمثّل هدفًا استراتيجيًا يعكس التزام الشركة بتنظيم فعاليات ثقافية ذات بعد تاريخي وجغرافي عميق، كما أنه يُبرز الدور المحوري للثقافة في تعزيز العلاقات الدولية.

 أما الدكتور ماتيو لافرانكوني، مدير قاعات سكوديري ديل كويريناله، فقد أكد أن استضافة المعرض تُعد مصدر فخر كبير، إذ تتيح لهذه المؤسسة الرئاسية فرصة لتقديم مشروع ثقافي طموح يعكس عظمة الحضارة المصرية. 

ووجّه الشكر للمتحف المصري بتورينو الذي يشارك بقطعة فريدة هي مائدة “إيزيس” الشهيرة (Mensa Isiaca)، التي تُجسد عمق العلاقات التاريخية بين مصر وروما، وتُعد رمزًا متجددًا للحوار الثقافي الممتد عبر آلاف السنين.

المعرض يضم نحو 130 قطعة أثرية نادرة جرى اختيارها من المتحف المصري بالتحرير ومتحف الأقصر للفنون، وتُعرض لتروي قصة الحضارة المصرية القديمة من خلال عدة محاور تشمل الملكية، البلاط الملكي، المعتقدات الدينية، الطقوس الجنائزية، الحياة اليومية، والعالم الآخر، مما يمنح الزائرين تجربة استكشافية شاملة تمتد حتى مايو 2026. ومن أبرز المعروضات: التابوت الذهبي للملكة أحمس نفرتاري، المغطى بالكامل بالذهب، والذي يجسد فنون الدفن في الدولة الحديثة ويعكس مكانتها الرفيعة وعلاقتها الإلهية، إلى جانب القناع الذهبي الجنائزي للملك أمنموب، الذي يُعبّر عن الخلود الملكي من خلال الذهب، المعدن المقدس المرتبط بإله الشمس رع، وتمثال “ثلاثية منكاورع” الذي يُجسد الملك واقفًا بين الإلهة حتحور والإله المحلي لطيبة كرمز للسلطة المقدسة، بالإضافة إلى التابوت الذهبي لتويا، جدة إخناتون، بزخارفه الهيروغليفية الغنية التي تروي رحلتها نحو العالم الآخر، وقلادة الذباب الذهبية الأسطورية الخاصة بالملكة أحمس نفرتاري، والتي كانت تمنح لأعظم المحاربين، وتُبرز دورها العسكري الفعّال في الحفاظ على استقرار المملكة خلال مرحلة مفصلية من تاريخها.

كما يُخصص المعرض مساحة لعرض جوانب من الحياة اليومية والطقوس الدينية ومظاهر الحكم والسلطة في مصر القديمة، من خلال مجموعة مبهرة من التماثيل والقطع الأثرية، منها تماثيل الملوك رمسيس السادس وتحتمس الثالث، والحُلي الذهبية، والأدوات اليومية، والتوابيت المزينة بالرموز المقدسة، في تجسيد نابض للتطور الفني والروحاني الذي ميّز الحضارة المصرية وجعلها من أكثر الحضارات تأثيرًا في تاريخ البشرية.

ويُسلّط المعرض الضوء على واحد من أهم الاكتشافات الأثرية الحديثة، وهي “المدينة الذهبية”، التي تعود لعهد الملك أمنحتب الثالث والملك إخناتون، حيث كشفت الحفائر عن مجمّع سكني متكامل قدّم رؤى غير مسبوقة حول الحياة اليومية للحرفيين المصريين وأُسرهم، مما يُثري التجربة الثقافية ويعزز فهمنا للأبعاد الإنسانية للحضارة المصرية.

ويُشار إلى أن معرض “كنوز الفراعنة” يُعد ثاني أكبر معرض أثري مصري يُقام في إيطاليا بعد المعرض الذي احتضنه قصر غراسي في مدينة البندقية بين عامي 2002 و2003، والذي ركّز على دور الملوك في عصر الدولة الحديثة. ومن المتوقع أن يستقطب المعرض المرتقب جمهورًا واسعًا من محبي الحضارة المصرية، ويُسهم في تعزيز الحوار الثقافي بين ضفتي المتوسط.