17 - 06 - 2025

فوضى وآلية فاشلة وعمليات نهب للمساعدات الإنسانية في غزة

فوضى وآلية فاشلة وعمليات نهب للمساعدات الإنسانية في غزة

اندلعت الفوضى أثناء تنفيذ خطة مدعومة من إسرائيل لتوصيل المساعدات إلى غزة عبر شركة خاصة، بعد أن اقتحم آلاف الفلسطينيين موقع التوزيع وأجبروا موظفيه على الانسحاب. 

وكان توزيع المساعدات قد بدأ بشكل طبيعي يوم الثلاثاء، حيث اصطف الفلسطينيون لتلقي صناديق الطعام في وقت مبكر من اليوم في مركز توزيع في رفح، جنوب قطاع غزة، لكن الوضع الأمني تغير حوالي الساعة 4:30 مساءً بالتوقيت المحلي، عندما انهارت بوابة مبنية بشكل سيئ أثناء محاولة حشود كبيرة الدخول عبر مدخل ضيق، بحسب شهود عيان، وتبع ذلك أعمال نهب، وفقًا للشهود الذين قالوا إنهم سمعوا طلقات نارية أُطلقت في محاولة لتفريق الحشود، ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات. 

وقالت “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي تشرف على النظام الجديد لتوزيع المساعدات، إن الحادث كان بمثابة تعثر مؤقت في ما وصفته بأنه إطلاق ناجح بشكل عام، وذكرت المؤسسة أنها وزعت نحو ثمانية آلاف صندوق من المواد الغذائية عبر موقع التوزيع الآمن، مضيفة أنه سيتم إيصال المزيد من المساعدات يوم الأربعاء. 

وقالت المؤسسة في بيان: “في لحظة من بعد الظهر، أصبح عدد الناس في موقع التوزيع كبيرًا لدرجة أن فريق المؤسسة انسحب للسماح لعدد قليل من سكان غزة بالحصول على المساعدة بأمان وتفريق الحشود”، وأضاف البيان: “تم ذلك وفقًا لبروتوكول المؤسسة لتجنب وقوع ضحايا”. وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه أطلق طلقات تحذيرية خارج مجمع التوزيع. 

وتُعد مشاهد الفوضى انتكاسة مبكرة أخرى للخطة الجديدة المدعومة من الاحتلال لتوصيل المساعدات إلى غزة، وكان الرئيس التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية، جيك وود، قد استقال يوم الاثنين. وقد روج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للخطة باعتبارها حلاً لمنع حركة حماس من السيطرة على المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة.  

ومن المفترض توزيع الطعام مباشرة على العائلات الغزّية من خلال مراكز توزيع محددة بمساعدة شركات أمنية أمريكية خاصة بحسب هذه الخطة.  

وقد واجهت الخطة المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تُعيد هيكلة طريقة دخول المساعدات إلى غزة منذ بداية الحرب، انتقادات من دول أوروبية ومنظمات إغاثة. وتقول الأمم المتحدة إن النظام الجديد يتعارض مع مبادئها في الحياد ويعرّض المدنيين للخطر.  

وقد تعرضت شركة “سيف ريتش سوليوشنز”، وهي شركة الأمن الخاصة المشرفة على العملية، لانتقادات بسبب نقص الموظفين وعدم الاستعداد لمهمة معقدة كهذه، ولم ترد الشركة فورًا على طلب للتعليق. 

وقال جيش الإحتلال يوم الثلاثاء إن مركزين من أصل أربعة مراكز توزيع مخطط لها في رفح قد بدءا العمل. 

من جهته، قال المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في غزة إن خطة توزيع المساعدات الإسرائيلية قد انهارت، واصفًا إياها بـ”الفشل الذريع” في ظل المشاهد الفوضوية. 

وقال شهود عيان إن الغزيين الذين وصلوا مبكرًا إلى الموقع تمكنوا من الحصول على صناديق الطعام دون أي تفتيش، بينما لم يحالف الحظ أولئك الذين وصلوا لاحقًا. 

وقال خضير أبو ضيّة (43 عامًا)، وهو أب لثمانية أطفال، إنه نام بالقرب من منطقة التوزيع قبل ثلاثة أيام: “وللأسف، عندما جاء دوري، بدأت الفوضى”.  وعندما اجتاح الحشد المكان وبدأ النهب، تمكن من الحصول على صندوق يحتوي على سكر ودقيق وعلبتين من الفول المدمس وعلبة صلصة طماطم، وأضاف أنه أعطى الدقيق لامرأة مسنة طلبته منه، وقال: “الإنسان يتحول إلى وحش عندما لا يجد ما يأكله”. وأشار إلى أن عائلته حذرته من الذهاب إلى مركز التوزيع بسبب خطورة المنطقة، لكنه ذهب رغم ذلك من أجل إطعام أسرته، وقال: “ليس لدي خيار آخر — عليّ أن أطعم أطفالي”. 

وسمحت دولة الاحتلال بدخول المساعدات إلى غزة مجددًا بعد حصار دام أكثر من شهرين، قالت إنه يهدف إلى الضغط على حماس للإفراج عن الرهائن.  

وقالت “شراكة تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل”، وهي هيئة رقابة عالمية على الجوع، في وقت سابق من هذا الشهر، إن ما يقرب من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة. وجاء في بيان صادر في 19 مايو عن وزراء خارجية 22 دولة، من بينها فرنسا واليابان وكندا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، ينتقد الخطة الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات: “لقد أثارت الأمم المتحدة مخاوف من أن النموذج المقترح لا يمكنه إيصال المساعدات بفعالية، بالسرعة والنطاق المطلوبين".  وأضاف البيان: “إنه يعرّض المستفيدين والعاملين في مجال الإغاثة للخطر، ويقوض دور واستقلالية الأمم المتحدة وشركائنا الموثوقين، ويربط المساعدات الإنسانية بأهداف سياسية وعسكرية”.