28 - 05 - 2025

عجاجيات | أُمَّانِ بين سجنين

عجاجيات | أُمَّانِ بين سجنين

بداية، قلبى مع أي أم ابتليت بسجن ابنها فلذة كبدها، بغض النظر عن اسم تلك الأم، أو وظيفتها، أو تاريخها، فلا فرق بين أم عاملة نظافة، وأم أستاذة جامعية، وأم دبلوماسية، وأم صحفية، فكل الأمهات سواء في حب أبنائهن، فالابن هو قلب أمه الذي ينبض بالحياة، وهو روح أمه، وغيابه قسرًا يعني كسرة القلب وكسرة الروح.

سجن الابن مهما كان سببه، ومهما كان مكانه، يؤلم الأم، ويجعلها تعيش أقرب للموت منها للحياة.. تسعى الأم بكل الوسائل للاطمئنان على ابنها السجين، تتلهف لزيارته، تتلهف لسماع صوته.. تبتهل إلى الله بالليل والنهار أن يعود ابنها إلى حضنها.. لا تستنكف أن تتوسل لصاحب القرار بأن يعيد إليها الروح.. ولا تتردد في القيام بأي شيء يساعد في نيل ابنها حريته، حتى لو دخلت في صيام مفتوح يجعلها تفقد معظم لحمها.

والأم تتألم حتى لو كان ابنها مسجونًا فى قصر، وحتى لو كان ابنها مسجونًا في دولة توصف بأنها أرض الأحلام وواحة الديموقراطية.. وسواء كان يسمح لابنها بقراءة الكتب، وتسجيل يومياته وأفكاره، وأكل الهمبرجر وكنتاكي.. فالحقيقة المؤكدة أن السجن سجن، وأن الأم أم، فحب الأم لأولادها، وبخاصة الغائب قسرًا منهم، مسألة فطرية، لا ترتبط بزمان، ولا مكان، ولا جنسية، ولا ديانة.. هذا الحب الفطري يجعل أي أم ترى وتؤكد أن ابنها السجين بريء، ومن حقه أن ينعم بالحرية ويستمتع بشبابه.

قلبي مع أمهات فلسطين اللاتي تحملن فوق طاقة البشر؛ بسبب وجود أبنائهن في سجون الاحتلال، في ظل معاملة غير آدمية، وبعد محاكمات لا تمت للعدالة بصلة.. كثيرون دخلوا سجون الاحتلال الإسرائيلي وهم في قمة الشباب، وخرجوا من السجون وقد اشتعلت رؤوسهم شيبًا.. أتذكر جيدًا الأسير أو السجين الفلسطيني الذي كانت أول كلمة يقولها بعد أن نال حريته: أمي عائشة أم توفاها الله؟

كإنسان أقدر تمامًا مشاعر أي أم تجاه ابنها السجين، في أي مكان وفي أي بقعة على كوكب الأرض.. وأدعو الله أن يوفق كل صاحب قرار، ليساهم بلا تردد في عودة الروح لكل أم تعيش بنصف قلب ونصف روح؛ حزنًا على ابنها الذي يقبع خلف القضبان.. الانتصار للأمومة أعظم انتصار للإنسانية.
------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج


مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | أُمَّانِ بين سجنين