16 - 06 - 2025

واقعة فاضحة في جامعة بلد شقيق!

واقعة فاضحة في جامعة بلد شقيق!

(كان يا ما كان) .. يُحكى أنه في سالف الزمان وفي جامعة في بلد من البلدات الشقيقات في قسم اللغات حدث ما هو آت: كنت عندئذ أعمل حديثاً في هذا القسم في أعقاب حصولي على الدكتوراة من بلاد الكفار، ولذلك تركت العمل في جامعة كبيرة في بلاد رعاة البقر.  

وفي أول أسبوعين لي من العمل في جامعة البلد الشقيق انقلبت الدنيا رأساً على عقب بسبب عشرات الشكاوى الموجهة ضد القسم الذي كنت أعمل به بسبب المادة العلمية الفاجرة والمسيئة الموجودة في كتاب (مقدمة في اللغة الإنجليزية) الذي يدرسه أساتذة القسم والتي تخالف التعاليم الإسلامية والعادات والتقاليد الأخلاقية العظيمة  في هذا البلد العريق. 

تلقت الجهات المسؤولة عددا كبيرا من الشكاوى من طلبة الجامعة الذين كانوا جميعا دون استثناء يدرسون المساق المذكور أعلاه كمتطلب جامعي. وبما أنني كنت منسقاً لمجموعة المساقات المتعلقة بهذا الكتاب، فقد طُلب مني الاطلاع على محتوى الكتاب اللعين، بعدما قررت الجامعة سحب كل النسخ من الطلبة والامتناع عن توزيع ما تبقى منها.  

كانت مهمتي هي البحث عن الأمور المسيئة للشريعة والأخلاق الحميدة في النص، بعدما عرض المسؤولون أمامي بعض نماذج من شكاوى الطلبة وأولياء الأمور. تنفست الصعداء عندما علمت أن القسم قد وافق على الكتاب غيابيا بعد اقتراح من لجنة المشتريات بالجامعة شراء الكتاب من شركة إنجليزية من خلال  المجلس البريطاني (ذا بريتش كاونسل) في المدينة التي كانت بها الجامعة، وبذلك تضاءلت مسؤولية القسم. 

كانت المعضلة تكمن في أن الجامعة التي تضم آلاف الطلبة قد ابتاعت أعدادا كبيرة من نسخ الكتاب المشكلة ودفعت مبالغ باهظة، وكانت الكتب الجامعية توزع مجانا على الطلبة.  

بالاطلاع على الشكاوى اتضح بالفعل أن الكتاب ابن الـ…. يتضمن كلمات نابية وعبارات خليعة وقليلة الأدب تهدد البنيان المرصوص لمجتمعاتنا العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج. كتبت تقريرا مطولا حددت فيه الكلمات القبيحة التي وضعها الخواجات أولاد …..عن قصد بين السطور بهدف تسميم الأجواء وتدمير أخلاق الشباب العربي البريء، وكانت هذه الكلمات حسب الشكاوى (أقسم بالله لا أمزح هنا) كما يلي وربنا يسامحني لاني سأكتبها واستغفر الله على ذلك : wine - whisky -champagne /pork - bacon - bar- beer، وحيث أنه كان من المستحيل شراء كتاب آخر بسبب ضيق الوقت وبداية الدراسة، فقد تم تشكيل لجنة وكنت عضوا فاعلا فيها لأنني منسق المساق، واقترح أحد كبار المسؤولين في الكلية حلا عبقريا وقد وافقته الرأي وعبرت له عن إعجابي بأفكاره المستنيرة، واتفقنا معا على ما يلي: تجميع كل نسخ الكتاب في غرفة كبيرة في الكلية ثم توجيه الأوامر لجميع الاساتذة في القسم بالمشاركة في عملية تعديل الكلمات الوقحة الموجودة في النص، والتي كانت لا تتعدى ٧ كلمات، وكانت مهمتي ايجاد كلمات بديلة وتمت العملية  على مرحلتين بعد تقسيم الاساتذة لمجموعتين.  

المجموعة الاولى تتولى حذف الكلمات القذرة باستخدام أقلام  (الكوريكتور) الفاخرة صناعة اليابان، وليس ( الكوريكتور) التايواني. 

أما المجموعة الثانية فتقوم باستبدال الكلمات الانجليزية الزبالة التي تخالف الشرع والدين بكلمات مناسبة لثقافتنا العربية الإسلامية، وذلك باستخدام خط اليد، وقد تم اختيار أساتذة لديهم مواهب في الكتابة اليدوية الجميلة بخط واضح ومقروء. 

بناءً على اقتراح من كاتب هذه السطور تم استبدال الكلمات البذيئة بأخرى محترمة على النحو التالي: ( الخمر أصبحت (بيبسي) والويسكي  أصبح (عصير العنب الأحمر) والشامبانيا أصبحت (عصير البرتقال) والبيرة تحولت إلى (عصير الليمون) أما وجبة لحم الخنزير فأصبحت (كبسة)، في حين أن وجبة لحم الخنزير المقدد تحولت إلى (كباب) وبخصوص البار أو الحانة فقد أصبحت (محل العصائر).  ورغم المجهود الكبير الذي بذله الأساتذة، وقضاء ساعات طويلة في المساء داخل أروقة الكلية أثناء عملية تظبيط النص لكن والحمد لله استطعنا من خلال هذه الطريقة العبقرية حل المشكلة من جذورها، وتم بنجاح إعادة توزيع الكتب على الطلبة، واستطعنا بفضل توجيهات المسؤولين ذوي الضمائر الحية التصدي لهذا المخطط الصليبي الصهيوني المجوسي الوثني الغربي، الذي حاول من خلاله الفرنجة الأشرار تدمير القيم الأخلاقية الراسخة في مجتمعاتنا الشرقية المتحضرة، وفي هذا المقام لا يسعني سوى التقدم بأسمى آيات الشكر لكل الأساتذة الذين شاركوا في هذا المشروع، وسهروا الليالي الطويلة - بعد الانتهاء من ساعات العمل الرسمية - يشطبون الكلمات الفاضحة، ويستبدلونها بكلمات لا تتناقض مع مبادئنا وقيمنا الأصيلة، ويتصدون لجميع المؤمرات التي تهدف للنيل من أخلاقيات وسلوكيات شبابنا البريء، ولفت أنظارهم إلى عادات غربية مدمرة لم يسمعوا عنها من قبل، وأخص من الذين شاركوا في هذه المهمة الأساتذة: بوب بورتر (انجلترا) وتوماس والت (أمريكا) و باربرا ريتشاردسون (كندا) و ستيفين جونز (أستراليا) و ريبيكا ديفز (نيو زيلدا) وديفيد ولسون (أيرلندا).  

( طابت أوقاتكم).
-------------------------
بقلم: د. صديق جوهر

مقالات اخرى للكاتب

البرابرة في المدينة