كتاب "وصايا الكتابة... كيف نكتب ولماذا؟" (الدار المصرية اللبنانية) للشاعر والكاتب أحمد الشهاوي، يتناول دوافعَ مؤلفه الذي رأى أنَّ الكُتَّاب العرب صاروا يعتمدون بشكلٍ كبيرٍ على الكتب الأجنبية المترجمة إلى العربية التي تتناول نصائح ووصايا وخطوات الكتابة، وأغلبها ينتمي إلى كتب "التنمية البشرية" أكثر مما ينتمي إلى الأدب.
ولعل نُقصان المكتبة العربية من هذا النوع من الكتابة حفَّز الشهاوي على إنجاز هذا الكتاب، على هدي تجارب عربية قديمة في هذا الباب، مثل: "أدب الكاتب"؛ لابن قُتيبة، و"كتاب الصناعتين" لأبي هلال العسكري، و"المثل السَّائر في أدب الكاتب والشَّاعر" لابن الأثير، وكتاب "نقد الشعر" لقُدامة بن جعفر، و"الألفاظ الكتابية" للهمذاني، و"الرسالة العذراء" لأبي اليُسر إبراهيم بن محمد الشيباني، والمنسوبة خطأً لابن المدبر، و"البيان والتبيين" للجاحظ، و"رسالة في مدح الكتب والحث على جمعها" للجاحظ أيضا. ومنها: "العِقْد الفريد" لابن عبد ربه، و"صبح الأعشى" للقلقشندي، وكتاب "جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب" للهاشمي.
واقتفى الشهاوي كذلك أثر تجارب عربية أحدث، مثل «تجربتي الشعرية» لعبدالوهاب البياتي، و«حياتي في الشعر»، و"على مشارف الخمسين" لصلاح عبدالصبور، و«قصتي مع الشعر»، و«من أوراقي المجهول... سيرة ذاتية ثانية»، و"الشعر قنديلٌ أخضر" لنزار قباني، و«ها أنت أيها الوقت» لأدونيس. ومن خلال التجربة الشخصية في الكتابة يفتح أحمد الشهاوي نوافذ للتعامل مع الكتابة بمفاهيم جديدة لا تنسَى الإرثَ وفي الوقت نفسه تتواصل مع أحدث تقنيات الكتابة في العالم، وتطرح أسئلة الكتابة وطقوسها، وما وراءها.
وكتاب الشهاوي هو عمل يتجاوز كونه مجرد دليل تعليمي لفن الكتابة، ليتحول إلى نصٍّ مليء بالفكر والتجربة العميقة حول علاقة الكاتب بالكتابة كفعل إنساني وروحي وفكري.
وينطلق الكتاب من قناعة الكاتب بأن الكتابة ليست مجرد عملية ميكانيكية، بل فعل يستدعي الالتزام، والتأمُّل، والشغف. ويرى أن الكاتب، مهما بلغ من مهارة أو خبرة، يحتاج دائما إلى الإرشاد والنصح، تماما كأي إنسان يطلب المعرفة في طريقه إلى الكمال الإبداعي.
يتناول الكتاب في طياته أسئلةً جوهريةً مثل: لماذا نكتب؟ وكيف نكتب؟ ويعطي إجابات تجمع بين الفلسفة، الأدب، والتجربة الشخصية. وأن الكتابة ليست مجرد نشاطٍ ذهني، بل فعل يترك أثرا في الروح والجسد. يصف الكتابة بأنها صراع دائم بين الأمل واليأس، وبين الحلم والإحباط، وأنها تمثل في جوهرها سعيًا مستمرا للتعبير عن الذات وإيصالها إلى العالم.