04 - 07 - 2025

المناخ السياسي في معادلة التغيير

المناخ السياسي في معادلة التغيير

حين تختلط الأمور، ويتداخل الحابل والنابل، من الضروري إعادة تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية.

لقد واجه شارل ديجول هذه المعضلة في مسألة الجزائر، ولم يتردد في مواجهة بعض القيادات العسكرية المتمردة، وارتدى الزي العسكري مرة أخرى وعمره يتجاوز السبعين عامًا، وخرج إلى التليفزيون الفرنسي كي يسمي الأشياء بأسمائها.

كان لا يسيطر على كل مفاصل القوة، وكانت فكرة التفاوض مع ثوار الجزائر لا تلاقي شعبية، حيث اعتاد الأغلبية على اعتبار الجزائر جزءًا من فرنسا.

ما فعله ديجول باختصار هو أنه حرص على امتلاك المناخ السياسي بعرض كل الحقائق؛ كي يعوض نقص التأييد المحتمل، وهو في ذلك تحرك بوعي سياسي كبير، جعله يدرك أن امتلاك مفاصل السلطة وحده ليس كافيًا، وأنه في المواجهات المفصلية لا بد من تمهيد المناخ السياسي.

والواقع أن منعطفات التحول السياسي لا يمكن تجاوزها بالسعي فقط إلى السيطرة على السلطة، بل أنه يمكن تجاوز السلطة ذاتها إذا أمكن توجيه المناخ السياسي العام إلى مواطن الخلل.

لقد نجح الجنرال شارل ديجول في مواجهة انقلاب الجنرالات عام 1961، ولكنه فشل عام 1969، عندما حاول مرة أخرى استخدام تكنيك السيطرة على المناخ السياسي، لكنه لم يدرك أن ذلك المناخ كان قد تغير بالفعل بعد مظاهرات الشباب في العام السابق.. وإن كان يحسب له أنه بنبل الفرسان استقال من منصبه حين لم يحصل على نسبة التأييد التي حددها لنفسه.

الخلاصة من هذه التجربة ومثيلاتها من تجارب أخرى في العالم، هي أنه لا يكفي الإمساك بتلابيب السلطة، فلن تبقى إذا نجح الآخرون في تغيير المناخ السياسي السائد.
--------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية الأسبق

مقالات اخرى للكاتب

أوقفوا إسرائيل عن استخدام اليورانيوم المنضب