في مشهد يحمل دلالات روحية وتاريخية عميقة، استضاف مركز لوجوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، اليوم، اللقاء الدوري الخامس عشر لبطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الثلاثة في منطقة الشرق الأوسط، وذلك برعاية كريمة من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبحضور البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
وشارك في اللقاء كل من غبطة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، وقداسة الكاثوليكوس آرام الأول، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير، إلى جانب أعضاء اللجنة الدائمة للقاءات رؤساء الكنائس.
شهد اللقاء نقاشات موسعة حول قضايا كنسية ومسكونية وأخرى متعلقة بالشأن الإقليمي والدولي، حيث ناقش الآباء البطاركة الاستعدادات للاحتفال باليوبيل السابع عشر لمجمع نيقية المسكوني (325 – 2025)، كما تطرقوا إلى العلاقات المسكونية والتفاعل مع العائلات الكنسية الأخرى، مؤكدين على أهمية الحوار والتعاون الكنسي بما يخدم وحدة الإيمان والشهادة المسيحية في العالم.
وأكد البيان الختامي الصادر عن اللقاء على التزام الكنائس الثلاث بالعمل من أجل السلام والعدالة وتعزيز القيم الروحية والأخلاقية في مجتمعاتها، داعين إلى المزيد من الفهم المتبادل والاحترام بين الشعوب والثقافات. كما عبّر البطاركة عن قلقهم العميق تجاه تصاعد النزاعات والتوترات حول العالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، داعين المجتمع الدولي إلى تحرك فوري لوقف العدوان على غزة، وضمان الكرامة والحقوق الإنسانية للمدنيين.
وأشاد البيان بالاستقرار الذي تشهده مصر، معبرًا عن الأمل في أن تشهد دول المنطقة، لا سيما سوريا ولبنان، مزيدًا من التقدم نحو السلام والوحدة، مشيرين إلى أن انتخاب رئيس جديد في لبنان مطلع العام الجاري يمثل بارقة أمل للبلاد. كما دعوا القيادة الجديدة في سوريا إلى السعي لاستعادة الأمن وضمان المساواة بين جميع المواطنين.
وفي رسالة ذات طابع وجودي وراعوي، أكد البطاركة الثلاثة تمسكهم بالبقاء في الشرق الأوسط رغم التحديات الجسيمة التي تواجه المسيحيين في المنطقة، معربين عن أسفهم لاستمرار نزيف الهجرة، ومشددين على أهمية تعزيز الحضور المسيحي كشاهد للرجاء والسلام في مجتمعاتهم.
ويأتي هذا اللقاء في سياق استعداد الكنائس للاحتفال بمرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية، الحدث المفصلي في تاريخ العقيدة المسيحية، والذي ارتبط باسم القديس البابا أثناسيوس الرسولي، بطل الإيمان القويم، الذي تحل ذكرى نياحته في 15 مايو من كل عام.
ويُنتظر أن تتوَّج أعمال اللقاء صباح الأحد، بصلاة القداس الإلهي التي سيشترك في خدمتها بطاركة الكنائس الثلاثة، للمرة الأولى في التاريخ، داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبالطقس القبطي، في سابقة روحية تعكس عمق الوحدة الإيمانية بين هذه الكنائس، ورسالة قوية للعالم حول إمكانية اللقاء والتعاون في ما هو جوهري وأساسي في حياة الإيمان.