16 - 05 - 2025

ماستر سين | عبقرية عبدالرحيم منصور

ماستر سين | عبقرية عبدالرحيم منصور

في يونيو المقبل تحل ذكرى ميلاد الشاعر الفذ عبد الرحيم منصور، وهي الذكرى الرابعة والثمانين، حيث أنه مواليد 1941 ولم يعش طويلا فلم يتجاوز منتصف عقده الرابع وتوفي قبل منتصف الثمانينيات.

ويعد الشعر الكبير عبد الرحيم منصور واحدا من ألمع عباقرة مصر في كتابة الأغنية وأغزرهم إبداعا وجودة؛ وقد استقبلت مصر اشعار عبد الرحيم منصور استقبال الفاتحين وفتحت لأغنياته قلبها، ورأى فيه المثقفون أنه الأقرب إلى جذور الإنسان المصري في شخصيته ومبادئه، التى شكلت العقل الجمعي للمصريين سواء في بحري أو قبلي ـ شعب واحد.. نيل واحد ـ واقترابه من سخونة الجنوب وسمر لياليه المنعشة المليئة بالمواويل الحزينة ولعبة التحطيب الخشنة، حتى كتب ديوانه الأول "الرقص ع الحصى" فى أواخر الستينات ونشره على حسابه الخاص، إلا أنه بعد أن حقق الإنتشار المدوي وأصبح يستمع إلى أغنياته ملايين المصريين والعرب، توقف عن نشر بقية دواوينه ورقيا، وقدم مع العبقري بليغ حمدى وأحمد منيب والمطرب الأسمر الجميل محمد منير في تلك الفترة الكثير من الاغانى لكبار المطربين والمطربات منها العاطفي ومنها الوطني. أذكر أن محمد منير سألني ذات أمسية جمعتني به: ماهي أكثر أغنية لي تحب سماعها في أي وقت؟

- قلت ضاحكا: كلهم أبناءك!

* قال بجدية: اختر واحدة؟

- قلت على الفور: شجر الليمون، وتحديدا مقطع: جوايا بندهلك/ ياترى بتسمعني/ فينك، وأضفت: وحدوتة مصرية و علموني عنيكي بألحان هاني شنودة....

* قال بنفس جديته: إنت بتحب عم عبد الرحيم منصور.

- وأكمل: تعرف إن عبد الرحيم هو اللي قدمني لأحمد منيب؟

* قلت: نعم

- قال: ولويس جريس هو اللي قدم منصور للحياة الفنية وأتى به للقاهرة

* قلت: لقد استمعت إلى الرواية الكاملة من الأستاذ لويس

وبرز اسم منصور على المستوى الشعبي أثناء معارك أكتوبر الباسلة،  فكانت أغانيه من أشهر اغانى النصر العظيم من نظمه، والتي تغنى بها أشهر وأنجح مطربي ومطربات الستينيات والسبعينيات وأيقونة أغاني النصر:

بسم الله الله أكبر بسم الله بسم الله

بسم الله أذن وكبر بسم الله بسم الله

نصرة لبلدنا بسم الله بسم الله

بإيدين ولادنا بسم الله بسم الله ..

إلى أن بدأت محطة أخرى، عندما كون "ديو" مع المطرب محمد منير وبدأ معه مشوار استمر لأكثر من 10 سنوات وقت كان الجميع يراهن على خسارة أي شاعر على قدرته على كتابة أغنيات رومانسية يصدقها الناس ويحبونها في الفترة التي أعقبت رحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وقد قالها لي صراحة فارس شعر العامية المصرية عبد الرحمن الأبنودي، عندما تحداه الأبنودي ـ بحسب رواية الأبنودي لي ـ أنه يستطيع كتابة أغنية عاطفية في نصف ساعة، ولم يصدقه عبد الحليم ـ أو هكذا تظاهر ـ إلا عندما اصطحب الأبنودي سجائره وكوبا من القهوة المرة إلى غرفة مغلقة، ولم يخرج منها إلا وفي يده نص أغنيته الجميلة "أحضان الحبايب"، وهو يشبه التحدي الذى واجه منصور في كتابة اغانى رومانسية بعد رحيل العندليب، فجاءت رومانسية منصور لا تقل عذوبة ولا جمالا بشكل جديد وبمفردات جديدة تماماً على الاغنية السائدة وقتها فى أغانى مثل "شجر الليمون"، "علموني عنيكى" و"يا صبية" و"أنا بعشق البحر"، وقد كشف لي محمد منير سرا أن كل أغنياته العاطفية مع منصور هي مناجاة للوطن، ولا ننسى من أشعاره ماغنتها وردة "الحلوة بلادي" عن فكرة مستوحاة من مقال للأديب الفيلسوف توفيق الحكيم في الأهرام.. وفي رأيي أن "شجر الليمون" التي تألق بها الأسمر منير هي درة التاج في أعمالهما معا، وتأملوا معي هذا المعنى في قوله:

جوايا بندهلك

يا ترى بتسمعني

إنها واحدة من علامات عبقريته الفذة، إلى جوار أغاني الأربع سنوات التي سبقت رحيله من ثمانينيات القرن العشرين، وهي الفترة الأغزر إنتاجا، حيث كتب عشرات الأغنيات مع الملحن العبقري أحمد منيب منها ألبومي: شبابيك واتكلمي، إضافة إلى هديته لفايزة أحمد "حبيبي يا متغرب"، "إنزل يا جميل" التي غناها مع وليد توفيق معظم مطربي ومطربات الجيل، ويا طريق بداية عمرو دياب مع الألبومات، و"اشتروني" رائعة وردة وبليغ حمدي.

 رحم الله عبد الرحيم منصور ولتكن هذه السطور دعوة لتكريمه.
--------------------------
بقلم: طاهـر البهـي


مقالات اخرى للكاتب

ماستر سين | عبقرية عبدالرحيم منصور