من المبكر البدء في استخلاص النتائج لهذه الزيارة الصاخبة .
أن ترامب يعيد للذاكرة الخواجة الجريجي الفقير الذي كان يدور بالبقجة بين قري مصر ، كي يبيع بضائع رخيصة بأثمان باهظة منها أدوية مثل "شربة القسيس" التي تداوي كل العلل ، بينما يدور الفلاحين حوله مبهورين بالأرانب التي يخرجها من قبعته، والخواجة يستولي تدريجيا علي عرقهم وأرضهم وربما عرضهم، وهم يبتسمون في رضا وسعادة، لمجرد أنه "الخواجة"، الذي يعرف كل شيء.
ما سمعته من كلماته التي ألقاها وداعب فيها غرائز أهل الخليج من مبالغة في المدح والإعجاب وخلافه، قد يكون استحقاقا للمركز الجديد لإقليم الخليج العربي (الذي بادر ترامب بتغيير اسمه من الخليج الفارسي إلي الخليج العربي كمكرمة منه قبل أن يطأ الأراضي الحجازية).
ولكن من المعلوم أن القدرات الإقتصادية إن لم تنعكس بتحقيق مكاسب سياسية، فهي مجرد وعاء يغترف منه القادر عنوة، لأن المكاسب السياسية لا يمكن أن تختزل في مجرد كلمات حارة ورقص بالسيف أو بغيره.
الأطراف الخليجية تحمل الآن عبء إثبات وزن الدولار في التبادل السياسي أيضا، وهي في نفس الوقت ستكون مسؤولة عن ترجمة ذلك في خدمة قضايا الإقليم وذلك هم كبير.
لا أعتقد أن حضور مصر في هذا المهرجان كان ضروريا، خاصة أن دورها لم يعد مطلوبا في هذا الإطار تحديدا، وأتصور أننا نشهد ميلاد إصطفاف جديد في الإقليم، يستند إلي دور قيادي للسعودية، يتولي تدريجيا إتمام صفقات لا تزال متجمدة سواء فيما يتعلق بالتسوية مع الكيان الصهيوني، أو كافة الملفات الأخري سواء في العراق، سوريا، لبنان، إيران، تركيا .. إلخ.
سوف يعود ترامب إلي واشنطن وقد ملأ "بقجته" بتريليونات من الدولارات الخليجية، ولننتظر كي نري ما هو العائد المفيد لدول الخليج، أو لأحوال إقليم الشرق الأوسط بشكل عام .
-----------------------------
بقلم السفير: معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية الأسبق