زيارة ترامب إلى السعودية، والإمارات، وقطر، تجعلنا وقبل الدخول فى أي تحليلات سياسية، نتذكر زيارة ترامب للسعودية عام ٢٠١٧. تلك الزيارة التي خرج بها ومنها ترامب بحصيلة مقدرة من الاستثمارات، ومن بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية. والأهم كان مكسب ابن سلمان؛ لتمكينه من السلطة فى السعودية، بمباركة أمريكية، وذلك كان في ضوء الاستغلال الأمريكي للفزاعة الإيرانية للسعودية، ودول الخليج بشكل عام.
الزيارة الآن تأتي في ظل متغيرات دولية، وإقليمية، وعربية، تنذر بمتغيرات فى ساحة القوى العالمية، ويأتى الشرق الأوسط والدول العربية في القلب من تلك المتغيرات. إضافة لذلك الصراع الذي لم يعد خافيًا من دول الربع النفطي الخليجي؛ ليلعب دورًا دوليًّا في المنطقة، بما يتواءم مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية. وقد ظهر هذا في زيارة ترامب للسعودية، بعد إعلان قراراته التي توافقت مع سياسات الثلاثي النفطي (السعودية والإمارات وقطر)؛ ومنها: رفع العقوبات عن نظام الجولاني الخاضع علنًا لإسرائيل وأمريكا، بعد مساهمة الثلاثي في إسقاط نظام الأسد. وفي ظل المتغيرات في سوريا، ولبنان، وغزة، التي جاءت في غير مصلحة إيران. فلم يذكر ترامب القضية الفلسطينية التي يتم إبادة شعبها من الوريد للوريد، بغير أنهم يستحقون الشفقة (يا سلام)!!!
فماذا كانت نتائج الزيارة السعودية؟ كان الهدف الأساسي هو مزيد من فرض الإتاوات الترامبية، التي يتم فرضها على من يريد ابتزازه بصورة أو بأخرى!!
والأهم هو تلك الحفلة التتويجية التي حظى بها ابن سلمان والسعودية، من خلال الرضا الترامبي (الذي لا بد أن يكون بمقابل)، فولي العهد أحسن رجل في العالم، وليس له نظير آخر!! والسعودية هي قلب التغيير في العالم على الطريقة العربية!!! وأمريكا هي أقوى اقتصاد في العالم باستثناء السعودية!! وهذا سلوك بدوي قبلي، واستعادة لزمن شعراء المدح الذين كانوا يكيلون المدح أو الذم بمقابل، فما أشبه اليوم بالأمس! فهل بهذه الحفلة، وتلك الحفلات المماثلة، ومن خلال هذه الهدايا الثمينة التي تدفعها الشعوب المغلوبة على أمرها لترامب، يمكن أن يكون للعرب مكانة في المستقبل العالمي؟ وهل تبنى الدول بدفع الإتاوات؟ وهل تحل المشاكل بالخضوع، وليس باستقلال القرار؟ مبروك على السعودية ذلك الكرم الترامبي الأمريكي، مقابل الموافقة على انضمامها للإبراهيمية، ولتذهب فلسطين وشعبها للشعارات الفارغة، والتي لا تغني من جوع. وبدون نظرة شوفينية. وستظل مصر بتاريخها، وحضارتها، ودورها، الذي لم يستطع أحد النيل منه طوال التاريخ، تقوم بهذا الدور، بالدور التاريخي، لن يكون بالمال، أو الإتاوات، أو الاحتماء بمن يحمي بمقابل. ولكن الدور أكبر وأهم من ذلك.
حفظ الله مصر وشعبها العظيم، دائمًا رائدة وعظيمة بمبادئها، وقيمها، وتاريخها، وحضارتها. فالحضارة والتاريخ لا يشترون بالمال.
----------------------------
بقلم: جمال أسعد