في حلقة استثنائية من برنامج “إشاعة ولا؟”، الذي يهدف إلى نزع الغطاء عن الشائعات وتثبيت الوقائع، ومن داخل مقر السفارة القطرية في القاهرة، رسم السفير طارق الأنصاري صورة متكاملة لعلاقة استراتيجية تتجدد بين مصر وقطر، قائمة على الثقة والإرادة السياسية المشتركة، وقادرة على تجاوز الشائعات والانطلاق إلى آفاق أوسع في شتى المجالات.
وخلال اللقاء، أجرى السفير الأنصاري حوارًا ثريًا تناول خلاله واقع العلاقات القطرية المصرية، مشيدًا بما تشهده من تطورات متسارعة وقفزات نوعية على مختلف الأصعدة.
وأكد أن المرحلة الراهنة تمثل انطلاقة جديدة نحو مزيد من التعاون المثمر والشراكات الواعدة، بما يلبّي تطلعات الشعبين الشقيقين ويعزز أواصر الأخوة بين الدوحة والقاهرة.
وأشار السفير إلى أن الحوار اتسم بالرصانة والعمق، وفتح آفاقًا لمناقشة ما تحقق من إنجازات، إلى جانب استشراف المستقبل المشترك الذي تسعى إليه قيادتا البلدين.
زيارة السيسي إلى الدوحة… تفنيد عملي للشائعات
مع بداية اللقاء، تناول البرنامج حملة الشائعات التي راجت مؤخرًا حول مستقبل العلاقات بين القاهرة والدوحة، خاصة في ضوء الأوضاع الإقليمية المتوترة.
وردّ السفير الأنصاري مؤكدًا أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة في أبريل الماضي، والتي جاءت بدعوة كريمة من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، مثّلت الرد العملي والنهائي على كل الفتن و تلك الادعاءات المغرضة.
وشدد على أن الزيارة كانت بمثابة رسالة قوية وواضحة لكل من يسعى إلى زعزعة الاستقرار أو إشاعة الانقسام، سواء من أطراف إقليمية أو الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة مثل الأزمة في غزة والأوضاع المعقدة في السودان.
حقيقة سفر المصريين إلى قطر بالأرقام والوقائع
وحول ما يُتداول عن وجود قيود على سفر المصريين إلى قطر، نفى السفير الأنصاري هذه المزاعم جملة وتفصيلًا، مشيرًا إلى أن الجالية المصرية في قطر تضم أكثر من 200 ألف مواطن، يعملون في قطاعات متنوعة ويعيشون في بيئة من التقدير والاحترام.
وأوضح أن قطر تستضيف أكثر من 150 شركة مصرية خالصة تعمل في الدوحة، بالإضافة إلى 7 آلاف شركة مشتركة بين البلدين، وهو ما يعكس عمق الشراكة الاقتصادية.
وأضاف أن أمير البلاد لا يفوت مناسبة دون الإشادة بالمقيمين على أرض قطر، وعلى رأسهم المصريون، لما يقدمونه من مساهمات ملموسة في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.
رؤية قطر الوطنية 2030.. مسار تنموي قابل للقياس
وحول رؤية قطر الوطنية 2030، أوضح السفير أنها ليست شعارًا للاستهلاك الإعلامي، بل خطة استراتيجية مدروسة بدأت منذ عام 2008، تُنفذ عبر خطط خماسية قابلة للقياس، وتخضع لمراجعة دورية تحت إشراف مباشر من رئيس الوزراء ووزير الخارجية.
وتشمل هذه الرؤية محاور الصحة والتعليم والأمن وتمكين المرأة وحماية البيئة وتعزيز التعاون الدولي ، التنمية الاجتماعية، مؤكدًا على أن مؤشرات الأداء تُراجع كل ستة أشهر وسنويًا، لقياس حجم التقدم والتأكد من توافق الأهداف مع أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وأشار السفير الأنصاري إلى أن عام 2030 ليس نقطة نهاية، بل هو محطة تقييم في مسار تنموي مستمر، يتم من خلاله ضبط السياسات وتحديث الأهداف، بما يواكب التحولات العالمية ويراعي خصوصية المجتمع القطري.
دعم عربي مشترك لوحدة السودان واستقرارغزة
سلط البرنامج الضوء على تطابق وجهات النظر بين القاهرة والدوحة بشأن عدد من القضايا الإقليمية، حيث أكد السفير القطري أهمية التوافق المصري القطري حول ضرورة الحفاظ على وحدة السودان ومنع تقسيمه، لما يمثله من أهمية استراتيجية تمس الأمن القومي المصري والمنطقة بأكملها، مشيرًا إلى أن هذا الملف سيكون حاضرًا بقوة في القمة العربية المقبلة في بغداد.
كما أثنى على الجهود المنسقة بين البلدين فيما يتعلق بالوضع في غزة، مؤكدًا أنهما يتبنيان موقفًا رافضًا للتهجير القسري للفلسطينيين، ويعملان سويًا في ملف تبادل الأسرى ووقف العدوان الإسرائيلي.
وقد نالت هذه الجهود إشادة دولية، بما في ذلك من مجلس الأمن والولايات المتحدة الأمريكية، التي عبّرت عن دعمها الكامل للوساطة المصرية القطرية.
السيسي في الدوحة.. دعم للاستثمار وتعزيز للشراكة
وفي الجانب الاقتصادي، أكد السفير الأنصاري أن زيارة الرئيس السيسي الأخيرة إلى قطر كانت مليئة بالرسائل الإيجابية، حيث خُصص يوم كامل للقاء مع مجتمع الأعمال القطري بحضور كبار المسؤولين والوزراء من الجانبين.
وشهد اللقاء حوارًا مباشرًا بين الرئيس السيسي والمستثمرين القطريين حول الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر.
وأوضح السفير أن الرئيس السيسي وجّه بإنشاء مكتب خاص يتبع الهيئة العامة للاستثمار لتسهيل مهمة المستثمرين القطريين، وهو ما من شأنه تحسين بيئة الأعمال وضمان استمرارية التعاون الاقتصادي.
الاستثمارات القطرية في مصر.. تنوع وتوسّع
وردًا على الشائعات التي تروّج لاقتصار الاستثمارات القطرية في مصر على القطاع العقاري، أكد السفير أن قطر تتجه نحو تنويع استثماراتها لتشمل الصناعة، التكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي.
وكشف عن خطط لتوقيع اتفاقية تجارة حرة بين البلدين، وعن استعدادات لاستضافة النسخة الثانية من المنتدى الاستثماري المصري القطري في الدوحة، بعد النجاح اللافت للنسخة الأولى في القاهرة والتي شهدت توقيع سبع اتفاقيات تعاون.
التكامل في مكافحة الفساد والشفافية
وفيما يتعلق بالحكم الرشيد، أشار السفير إلى التعاون بين هيئتي الرقابة الإدارية في البلدين، وتبادل الخبرات في مجال مكافحة الفساد، موضحًا أن المؤتمر الدولي السنوي لمكافحة الفساد سيُعقد في الدوحة هذا العام بعد استضافته سابقًا في القاهرة، وهناك استفادة من الخبرات المتبادلة بين البلدين الشقيقيين.
الضرائب والرياضة والإعلام
كما تطرق الحوار إلى اتفاقيات منع الازدواج الضريبي، ما يُسهل حركة المستثمرين دون القلق من التعرض للضرائب المزدوجة.
وفي المجال الرياضي، تم إبراز التعاون بين وزارتي الشباب والرياضة في البلدين، خاصة في مجال كرة القدم، التي تُعد وسيلة لبناء السلام وتعزيز التفاهم الشعبي.
أما في المجال الإعلامي، فقد تمت الإشارة إلى التعاون القائم بين الجهات الإعلامية الرسمية في البلدين، بما يشمل تبادل البرامج والخبرات.
وأشاد السفير بزيارة وفد قطري للهيئة الوطنية للإعلام في مصر، وما تبعها من تفاهمات حول تعزيز العمل الإعلامي المشترك.
البعد الإنساني.. حاضر في العلاقات الثنائية
واختُتم الحوار بالإشارة إلى البعد الإنساني في العلاقات المصرية القطرية، حيث تلعب قطر دورًا بارزًا في دعم العمل الخيري عبر صندوق قطر للتنمية والجمعيات القطرية، التي تقدم الدعم للأطفال المرضى والأيتام في مصر، في تجسيد حي لروح التضامن العربي.