10 - 05 - 2025

الصداقة الروسية تنعي المستشرق جينادي جورياتشكن

الصداقة الروسية تنعي المستشرق جينادي جورياتشكن

فقدت مصر والأمة العربية أحد أبرز أصدقائها من الشرق، برحيل المستشرق الروسي الكبير الدكتور جينادي جورياتشكن، أستاذ التاريخ العربي الحديث والمعاصر بجامعة موسكو، عن عمر ناهز 80 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والثقافي، كرّسها لخدمة العلاقات بين روسيا والعالم العربي، ومصر بشكل خاص.

ولد الدكتور جورياتشكن في عام 1945 بمنطقة سيبيريا الشرقية بالاتحاد السوفيتي، وتخرج من معهد اللغات الشرقية، حيث حصل على درجة الدكتوراه عام 1975، عن أطروحته حول الطبقة العاملة خلال الحقبة الناصرية في مصر. 

وقد تولّى بعد ذلك منصب أستاذ في تاريخ الشرق الأدنى والأوسط في معهد آسيا وأفريقيا، كما عمل مترجمًا عسكريًا خلال فترة وجود الخبراء السوفيت في مصر، حيث نال نوط الواجب العسكري من الدرجة الأولى تقديرًا لخدماته.

عرف الراحل بحبّه العميق لمصر، والذي تُرجم إلى عدد كبير من المؤلفات المهمة منها: تاريخ مصر والعالم العربي في العصر الحديث، روسيا في عيون مصرية، بين الفولغا والنيل، مذكرات مترجم سوفيتي في الجبهة المصرية، رؤوف عباس.. 

المؤرخ والإنسان، ومصر في الأرشيفات الروسية. وقد عبّر عن عشقه للإسكندرية التي أحبها منذ شبابه في كتابه الشهير الإسكندرية الروسية، حينما كان مديرًا للمركز الثقافي الروسي بالمدينة، وحوّله إلى بيت للمثقفين والفنانين، ومنارة للتفاعل الحضاري.

وفي تأبين نظّمته جمعية الصداقة المصرية الروسية، قال الدكتور إبراهيم كامل، رئيس الجمعية، إن رحيل جورياتشكن يُعد خسارة كبيرة للعلاقات الثقافية بين مصر وروسيا، مؤكدًا أنه من بين أبرز المستشرقين الذين كرّسوا أعمالهم لخدمة التواصل بين الشعبين.

من جانبه، أشار شريف جاد، الأمين العام للجمعية، إلى أن الراحل ظلّ طوال حياته مخلصًا لدراسة تاريخ العلاقات الروسية العربية، وكان شديد التعلّق بمصر، متابعًا تفاصيلها عن بُعد، ومحرصًا على زيارتها باستمرار، واصفًا إياه بأنه لعب دورًا فاعلًا في ترسيخ الحضور الثقافي الروسي في مصر. 

وأعلن جاد أنه يعمل حاليًا على إنهاء ترجمة كتابه الأخير حول التعاون الثقافي بين روسيا ومصر من القرن التاسع عشر حتى القرن الحادي والعشرين.

كما أكدت الدكتورة منال رضوان، الناقدة الأدبية وعضو لجنة الإعلام باتحاد كتاب مصر، أن الدكتور جورياتشكن ترك خلفه سجلًا علميًا فريدًا، أبرز ما فيه كتاب مصر في الأرشيفات الروسية، الذي تضمن مئات الوثائق النادرة التي تُعد مرجعًا مهمًا لفهم نظرة الروس إلى تحولات التاريخ المصري. ولفتت إلى أن كتابه الإسكندرية الروسية صوّر المدينة كمرآة للشتات، موضحة أنه رأى في الإسكندرية وطنًا للمهاجرين الروس، لا مجرد محطة عابرة.

واختتمت رضوان حديثها بالقول إن أعمال الدكتور جورياتشكن ستبقى مرجعية لا غنى عنها لكل من يسعى لكتابة تاريخ يتميز بالشفافية والعمق، وستظل مصر مدينة له بجهوده الكبيرة في توثيق روابطها مع روسيا على مدى عقود

.