أدان الأزهر الشريف الحادث الإرهابي، الذي استهدف مصليًا مسلمًا داخل مسجد بلدية "لا غراند - كومب" في منطقة "لو غار" جنوب شرق فرنسا، بعد أن وجَّه له أحد الإرهابيين المناهضين للإسلام، عشرات الطعنات بالسكين، حتى فاضت روحه.
وحذر الأزهر في بيان أصدره تعقيبًا على الحادث من تصاعد أنشطة جماعات "الإرهاب الأبيض" في أوروبا وأمريكا، منبهًا إلى أن هذه الجماعات تتخفى وراء شعارات وهمية خبيثة كـ"العرق الأبيض" و"القومية البيضاء"؛ لتبرير ممارسة جرائمها البشعة ضد المسلمين.
كما أكّد ضرورة اعتماد استراتيجية أمنية عالمية؛ للتعامل مع هذا التوجه الإرهابي، ووقف تهديداته، وجرائمه التي تعرِّض أرواح المسلمين للخطر، والموت، والهلاك.
كما تقدم بخالص العزاء، وصادق المواساة إلى أسرة الضحية، داعيًا المولى -عز وجل- أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يرزق أسرته وأصدقاءه الصبر والسلوان.
وكان القاتل قد صوّر فيديو أثناء الاعتداء على أحد المصلين داخل مسجد يقع ببلدة "لاغرند كومب" قرب مدينة نيم جنوب فرنسا، مكرّرًا شعارات عنصرية مرتين: "لقد فعلتها (...) إلهك الحقير"، وأضاف بمجرد إدراكه أنّ كاميرات المراقبة داخل المسجد كانت تقوم بتصويره: «سيتم القبض عليّ بالتأكيد" قبل أن يفر من المكان.
وارتكب القاتل جريمته حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحًا، داخل مسجد "خديجة" بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها نحو خمسة آلاف نسمة شمال مدينة "أليس".
وقال عبد الكريم غريني، النائب العام لمدينة "أليس" لوكالة الأنباء الفرنسية «إنَّهُ يتمّ البحث عن هذا الشخص عن كثب. القضيّة تؤخذ على محمل الجد، والوقائع خطيرة للغاية».
ووفقًا لما أوضحه المدعي العام، الجمعة ظهرًا، كان الضحيّة والجاني "بمفردهما داخل المسجد" وقت وقوع الجريمة. وأضاف: "أنّ الرجلين كانا يؤديان الصلاة، عندما قام أحدهما بطعن الآخر عشرات المرّات بسكين، قبل أن يتركه غارقًا في دمائه، ثم لاذ بالفرار". مؤكّدًا أنَّ الضحية تلقى ما بين 40 إلى 50 طعنة بالسكين، فيما تم العثور على جثته في حوالي الساعة الحادية عشرة، أو الحادية عشرة والنصف صباحًا، عندما بدأ المصلّون الآخرون بالوصول لأداء صلاة الجمعة.
ويملك المحققون من قوات الدرك في منطقة "لوغار" وقسم البحث في نيم والشرطة القضائية، تسجيلات مصوّرة من هاتف الجاني، بالإضافة إلى تسجيلات كاميرات المراقبة داخل وخارج مسجد خديجة، كما أكّد المدعي العام. وتبين أيضًا أنَّ الضحية، البالغ من العمر 24 عامًا، كان يرتاد المسجد بانتظام، بينما الجاني "لم يكن يرتاده إطلاقًا، ولم يسبق له الدخول إليه من قبل". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن سكان محليين: أنَّ الضحية شابٌّ مالي الأصل، وصل إلى فرنسا قبل عدَّة سنوات، وكان معروفًا ومحبوبًا في القرية. ووصف وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، هذا الحدث بـ"المروع"، معبّرًا عبر منصة "إكس" عن دعمه لعائلة الضحية، وتضامنه مع الجالية المسلمة التي تعرضت لهذا الاعتداء الوحشي، داخل مكان عبادتها، وبالأحرى في يوم صلاة الجمعة الكبرى.
وكانت البلدة قد شهدت مأساة أخرى في فبراير 2023، حينما قتلت فتاة تبلغ من العمر 18 عامًا تدعى سهام، على يد شريك سابق لابنة عمها.