قصص "الكباري" لا تنتهي فى محافظة قنا ما بين إنجاز هنا، وتغيير مسار هناك، ونسيان كوبرى ثالث تحت شعار "حب وانتقام"
فى مدينة "فرشوط" بشمال محافظة قنا أعلنت وزارة الاسكان عن قيام وزير الإسكان، الثلاثاء القادم، بزيارة محافظة قنا، وافتتاح الكوبري العلوي بها والذي تم إنجازه فى أقل من 900 يوم عمل، وبنسبة تنفيذ وصلت الى 94% من مجمل الإنشاء، وهو الذي يخدم القادمين من مدينة نجع حمادي، نزولًا إلى مدينة فرشوط وظهيرها الصحراوي وامتدادًا إلى جنوب المدينة، ومتفاديًا واحدة من أكثر النقاط زحامًا وهى نقطة زحام "المزلقان"، وقد سعد الأهالي بشدة بهذا الإنجاز، وخاصة أنه يأتي بعد أقل من 6 أشهر على افتتاح كوبري "الكوم الاحمر" هناك.
كوبرى ألف ليلة وليلة في "أبو تشت"
وحكايته أغرب من الخيال، ومع مرور 1872 يومًا منذ بدء العمل الحقيقي فيه، وحتى كتابة التقرير بلغت نسبة الإنجاز به 28% فقط، وكل ما تم فعله غلق "المزلقان الرئيسي" وحشر أكثر من 2400 سيارة يوميًّا في مساحة جانبية بعرض 260 سم فقط، ويجاورها مجرى مائي، وباعتبار هذه المسافة نقطة المرور الوحيدة بين غرب المدينة وشرقها، ولا بديل مطلقًا لها، وفشل أجهزة المحافظة والوحدة المحلية هناك على مدار هذه الفترات فى الدفع، سواء بتحريك العمل المتوقف به، أو حتى إيجاد حلول أخرى، وتفرغ العاملين بالمحليات بأمور أخرى تمامًا يعلمها محافظ قنا ولا يحرك ساكنًا.
توقف العمل هناك مرَّ بعدة مراحل منذ بداية العمل. قالت وزارة الإسكان: إنَّ ميزانيته 191 مليون جنيه، ثم ارتفعت بعد التعويم الأول للعملة المحلية إلى 263 مليون جنيه، ولم يتم توفير الأموال. وفي عام 2023 ارتفعت ميزانيته إلى 451 مليون جنيه، وتوقف الحديث عنه تمامًا من جانب وزير الإسكان وهيئة الطرق والكباري، ومع بداية عام 2025 ارتفعت تكلفته إلى ما يوازي نصف مليار جنيه، وهنا تقريبا تحول إلى فكرة، ثم حلم، ثم كابوس، وأخيرًا نسيان تام.
الطريف أنَّ أحدًا لم يتقدم بأيّ محاولة لإنعاش ذاكرة وزارة الإسكان، وعن قصد، فالبعض ذو الفكر السياسي المحدود أو المعدوم أحيانًا يرى أنَّ فكرة إنشاء هذا الكوبري من الأساس وطلبه من الحكومة، كان من نائب سابق بمجلس النواب، وأنَّ أيّ حديث عنه يعتبر دفعًا فى شعبية هذا النائب أو ذاك، فقرر الجميع تأجيل الحديث عنه لدورات برلمانية لاحقة، مع استمرار رفع لافتة "ما حدش كاسر عنينا"
كوبري الرياح بمدينة قنا
هذا المشروع العملاق تم تغيير مخططه أكثر من 4 مرات، ومحاولة لإرضاء هذه الشخصية أو تلك، والتي ترى اقتراب المشروع من ممتلكاتهم أمرًا مرفوضًا، رغم أنَّه يمرُّ عبر شوارع عامة وفقط، ولكن؛ ولأن هناك من يسمع ويستجيب، وهناك من يرى أو قوة نفوذه توازي قوة الدولة ونفوذها، فلا مانع من أن نسترضيهم، وبعد محاولات، وتغيير محافظين ومسؤولين، وانتقال المشروع إلى داخل مجلس النواب، ارتضى الجميع، وسار المشروع بسرعة كبيرة، وبات حلًّا جذريًّا هناك لمشاكل مرورية عملاقة، وبقيت فقط ذكريات النفوذ التي لا تنتهي داخل محافظة قنا.