09 - 05 - 2025

صفقات بالمليار .. إسبانيا في مرمى الجدل بسبب عقود دفاعية مع إسرائيل

صفقات بالمليار .. إسبانيا في مرمى الجدل بسبب عقود دفاعية مع إسرائيل

في خضم تصاعد الانتقادات الأوروبية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، فجرت تقارير بحثية جدلاً واسعاً في إسبانيا، بعد كشفها عن توقيع الحكومة الإسبانية 46 عقداً مع شركات دفاع إسرائيلية، رغم تعهد رسمي بوقف التعاون العسكري مع تل أبيب، عقب اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

وأدان مسؤولون إسرائيليون، الخميس، قرار الحكومة الإسبانية إلغاء صفقة لتوريد الرصاص للحرس المدني، معتبرين الخطوة "تخلياً عن الضرورات الأمنية لصالح أجندة سياسية". 

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن "إسبانيا تواصل الوقوف في صف خاطئ من التاريخ، ضد الدولة اليهودية التي تدافع عن نفسها في مواجهة الإرهاب".

مليار يورو في صفقات دفاعية رغم الحظر

التقرير الذي أعده "مركز ديلاس للأبحاث" في برشلونة، والمتخصص في قضايا الأمن والدفاع، كشف عن منح الحكومة الإسبانية عقوداً دفاعية بقيمة تتجاوز مليار يورو (نحو 1.2 مليار دولار) لشركات إسرائيلية منذ بدء الحرب في غزة، وهو ما وصفه معدو التقرير بأنه "خرق واضح لتعهد الحكومة اليسارية بعدم التسلح من إسرائيل".

وتضمنت العقود، بحسب التقرير، صفقات لصيانة وتحديث معدات عسكرية إسرائيلية موجودة بالفعل، إلى جانب اتفاقيات جديدة تشمل قاذفات صواريخ ومعدات عسكرية متقدمة. وأشار الباحث إدواردو ميلرو، أحد معدّي التقرير، إلى أن "بعض هذه العقود لم يُصدق عليها بعد، لكنها تظهر أن التعهد الحكومي كان أقرب للدعاية منه إلى السياسة الفعلية".

ضغوط داخلية ومواقف متباينة

إلغاء صفقة الذخيرة أثار انقسامات داخل الائتلاف الحاكم بقيادة الحزب الاشتراكي، خاصة مع تصاعد الضغوط من أحزاب اليسار وشخصيات سياسية تطالب بموقف أكثر وضوحاً وحزماً تجاه إسرائيل، في ظل تصاعد حصيلة الضحايا المدنيين في غزة.

وكان رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، من أوائل القادة الأوروبيين الذين دعوا لوقف إطلاق النار في غزة، وأعلن حينها تجميد كافة الصفقات العسكرية مع إسرائيل. ومع ذلك، تكشف الوثائق المنشورة على منصة المناقصات الإسبانية أن العقود المبرمة استمرت حتى بعد هذا الإعلان.

الحكومة تدافع.. والمعارضة تتهم

وفي أول رد رسمي، قالت وزارة الداخلية الإسبانية إن الحكومة "ملتزمة بعدم شراء أسلحة من إسرائيل"، موضحة أن بعض ما ورد في التقرير يشمل معدات ذات طابع دفاعي، لا تُعد ضمن الأسلحة الخاضعة للتجميد، مثل السترات الواقية ومعدات الحماية الفردية.

لكن مركز ديلاس رفض هذا التبرير، مشدداً على أن العقود الجديدة تعني "توسيع الاعتماد على الصناعات الدفاعية الإسرائيلية، رغم ما تمثله من دعم غير مباشر لممارسات ترتقي إلى مستوى جرائم حرب".

في المقابل، لم تصدر وزارة الدفاع الإسبانية أي توضيح بشأن العقود أو تفاصيل التقرير.

السياق الأوسع.. الموقف الأوروبي المتباين

تأتي هذه الأزمة في ظل تحركات أوروبية لافتة تجاه الملف الفلسطيني، كان آخرها إعلان إسبانيا، وإيرلندا، والنرويج عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسط حملة ضغط مكثفة من منظمات حقوقية لوقف التواطؤ الأوروبي في تصدير الأسلحة لإسرائيل.

وتسعى الحكومة الإسبانية إلى الحفاظ على توازن دقيق بين موقفها السياسي الرافض للعمليات العسكرية في غزة، والالتزامات الأمنية والدفاعية في إطار عضويتها بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

إسرائيل ترد بحدة

من جانبها، ردت إسرائيل بلهجة غاضبة على قرارات إسبانيا، معتبرة أنها "تشجع الإرهاب وتعاقب الدولة التي تدافع عن نفسها"، في إشارة إلى الحرب المتواصلة في قطاع غزة. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن إلغاء عقد الرصاص "يعكس انحيازًا سياسيًا خطيرًا، ويهدد العلاقات الأمنية بين البلدين".

وتأتي هذه التصريحات في وقت تُكثف فيه تل أبيب جهودها الدبلوماسية لاحتواء تداعيات المواقف الأوروبية المتزايدة ضد سياساتها في الأراضي الفلسطينية.