فتاتان شابتان رقصتا فى إحدي عربات مترو الأنفاق، وقامتا بنشر فيديو رقصهما فى شبكات التواصل الاجتماعي، واجتذب الفيديو ملايين المشاهدات مثلما تسبب فى حالة جدل حول سلوكهما، فالبعض انتقد رقصهما واعتبره عيبا وخروجا عن عادات وتقاليد المجتمع، والبعض اعتبر رقصهما غير ضار ولا يختلف كثيرا عن قيام البعض بالغناء فى المترو، بل إن البعض يقوم بحركات جمبازية اكروباتية فى المترو ويلقى تشجيع بقية الركاب.
اندهشت اندهاشا يشوبه الإعجاب من همة وزارة الداخلية التى نجحت فى توظيف التكنولوجيا الحديثة فى التعرف على الفتاتين وتعقبهما وإلقاء القبض عليهما وتقديمهما للنيابة العامة بتهمة التعدي على قيم المجتمع!!!
السؤال الذى يفرض نفسه: هل رقص الفتاتين يصنف كجريمة ام كجنحة ام كغريزة أنثوية تجعل الرقص جزءا لا يتجزأ من سلوك كل النساء المحجبات، بل والمنتقبات والسافرات والشابات والقواعد من النساء، ونظرة واحدة إلى ما كان من رقص على أبواب لجان الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية تؤكد ذلك، كما أن أفراحنا تشهد بما لا يدع أي مجال للشك بأن الرقص غريزة أنثوية، فالعروسة ترقص وأمها ترقص وزميلاتها يرقصن، بل ويمتد الرقص إلى المعازيم من الرجال.
لو كان الرقص خروجا على قيم المجتمع، فلماذا يسمح به ويتم تشجيعه فى مناسبات وأحداث معينة.. ثم إن أليس كل المصريين سواء أمام القانون، فلماذا إذن تم إعمال القانون بكل همة على فتاتى المترو، ولماذا تم تجاهل رقص الفنان محمد رمضان فى حفلات الساحل وفي مهرجان بأمريكا وهو يرتدي ما يشبه بدلة الرقص النسائية.. ولماذا اعتبر سلوك محمد رمضان يخصه واعتبر سلوك فتاتى المترو تهديدا للمجتمع.. هل لو رقص القوي المشهور صفقنا له وشجعناه ولو رقص الضعيف المغمور أقمنا عليه الحد؟
لا بد من أخذ الأمور بجدية والاحتكام للدراسات الاجتماعية والنفسية الجادة التى جعلت البعض يسعى ويلهث وراء الترند والدولارات، ولو على حساب سمعته وكرامته.. مطلوب أن يقتنع الناس بأن الفلوس ليست أهم شيء، فالكرامة أهم من الفلوس، وراحة البال أهم من الفلوس، والفلوس التى تأتى بالعمل الجاد وعرق الجبين أفضل ألف مرة من الفلوس التى تأتى بالتعري والتشبه بالراقصات.
------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج