أشعرُ بأنني تورطتُ في كتابة السير والتراجم، التي أنشرها للقارئ من وقت لآخر، والتي شرعتُ في كتابتها منذ فترة؛ وذلك لطولِ قائمة من يُرادُ إماطة اللثام عن سيرتهم، ومنهم كثيرون لا أعرف عنهم ما يكونُ زادا لي للكتابة، والأمر الثاني من أسباب تورطي، هو كثرة انشغالاتي الشخصية .. عموما سأواصل ما بدأت، ومن الله العون وعليه التكلان.
لكنْ لابد أن يعرفَ القارئُ العزيز أن ما أكتبه، ليس سِيرًا بالمعني الحرفي، وإنما هي لقطاتٌ سريعة، ومواقفُ طريفة في حياة من أكتب، أما سيرةُ كلّ شخصٍ، فسهلٌ الرجوعُ إليها، ومعرفةُ الكثيرِ عنها.
أمرٌ ثانٍ لابد أن أُصارحَ به القارئ، وهو أنني لا أكتب كلَّ الحقيقة، ولكنْ كلُّ ما أكتبُه حقيقة، كما قال الأديب الكبير يوسف إدريس .
وأؤكد أنني ذات مرةٍ ترددتُ في أن أكتب؛ خشية ألا يروق للقارئ أن يقرأ عن شخصياتٍ محلية، لم ولن يكون لها كبيرُ أثر في حياته، فصارحتُ بذلك أحدّ الكتاب الكبار، فقال لي: اكتب ما يروق لك فلا حدود للإبداع .
ولا أُخفيك - عزيزي القارئ - أنّ تلك العبارة شجعتني علي أن أستمر.
فليعذُرني القارئ؛ لأنني سأستمر، وأستمر بحول الله وقوته؛ رغبة في إدخال السرور إلي قلوب من أكتبُ عنهم من الأحياء، أو إلي قلوب ذوي رحم من رَحَلَ منهم إلى وجه الكريم .
وأعدُك عزيزي القارئ بأنك إن لم تجد معلومة مهمة، فستجد طُرفة تسوق الابتسامة إلي وجهك، وتُدخلُ السرورَ إلي قبلك، فضلا عن أنك ستجدُ لا محالة بعضا من الحكم أو أبيات الشعر، التي ستتناثر في ثنايا تلك السير والتراجم، إضافة إلي أنك ستسعدُ بلا شك - وهذه صنعتي - بالاستخدام المُحْكَم للغة، واحترامِ قواعدِ النحو والإعراب، اللذين هما وعاء الفكر، ووسيلة نشره، وبهما يعلو الفكر، أو يهوي إلي أسفل سافلين - والعياذُ بالله - .
فاسمح لي عزيزي القارئ بأن أطلّ بتلك المقالات علي نافذتك، ولن أحملَ لك أبدا تياراتٍ تُعكر صفوك، أو تُكدر مِزاجك؛ لأنّ ما أعرضُه عليك لن يكون أبدا عواصف وزعابيب، بل هي مواقفُ حقيقية سترسُمُ الابتسامة علي وجهك، والبشر على محياك .
فابقَ قريرَ العين، واقبلني للحظات، ستجني فيها متعة، لن تقل أبدا عن متعتي ككاتب، وأعدُك أخيرا بأنني لن أكتبَ ما يَخدِش حياء، أو يهيجُ مشاعر، أو ينثرُ بذورَ فتنة، بل سأتحري الصدق قدر استطاعتي، إيمانا بقول الشاعرِ :
وما من كاتــــبٍ إلا سيفنى ... ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتُب بخطك غير شيء ... يسرُّك في القيامة أن تراه .
فكن على استعداد - أيها القارئ - ودعنا نكمل الرحلة .
-------------------------
بقلم: صبري الموجي
* مدير تحرير الأهرام