01 - 06 - 2025

التقييم قبل التعليم!

التقييم قبل التعليم!

خرجت علينا أخبار وزارة التقييمات (التعليم سابقًا) أن وكيل مديرية تعليم الجيزة قد أحال إلى التحقيق معلمة ومدير مدرسة لأن درجات سجل التقييمات غير مطابقة للدرجات الفعلية، وحديثى ليس إليه فما هو إلا عبد المأمور يسمع ويطيع إذا أمروه بأمر، ويسمع ويطيع إذا كلفوه بضده، وإنه مما لا شك فيه أن مخالفة درجات دفتر التلميذ لسجلات الرصد هو من التهاون الذى يستأهل صاحبه المساءلة والمحاسبة؛ هذا فى حال السلامة والعافية والطمأنينة، أما فى حالة الكرب والبلاء والشطط فلا وجه هاهنا لمساءلة ولا محاسبة، فإن هذه المعلمة وكل من هو تبع لوزارة محمد عبد اللطيف من معلمين ومتعلمين وأولياء أمور قد صاروا كَتَبَة يحبرون أوراقًا ويسودون سبورات خدمة للقرار (١٣٦ تقييمات) وإرضاءً لمعاليه ولرُسل معاليه، وجميعهم يسابق الزمن بما استطاع ليسدد أرقامًا ودرجات، ويستوفى صفحات وتقييمات، فليس بعجيب مع هذه العجلة والوعيد والأحكام القراقوشية أن تجد درجات غير متطابقة، أو دروسًا متروكة، أو تقييمات سبقت دروسها! نعم، فقد يُقَيِّم المعلم دروسًا قبل أن يشرحها مجاراة لجداول التقييمات ومراضاة للمتابعين الجائلين! ولا أقول إن فاعل ذلك مقصر متعمد التقصير، بل هو إنسان قد كثرت عليه التكليفات فلم يسعفه الجهد ولم يسعه الوقت.

وإنه قطعًا لهذه الحال من التباغض والشحناء ما بين أحكام معاليه القراقوشية وبين عامة المعلمين فإنى أقترح على محمد عبد اللطيف أن يغادر مكتبه يومًا ليس لمداهمة مدرسة ولا لضبط واستيقاف معلم، بل ليكون هو المعلم، فينزل إحدى المدارس العامة فى ناحية شعبية أو قروية فيأخذ كأحد معلميها ثلاث فترات مدة كل منها ١٠٠ دقيقة، و ٥٠ طالبا، ويقبض عن هذا اليوم ٢٠٠ جنيه (وهى يومية النفر فى عزبته)، ثم يمضى كل فترة من تلك الفترات الثلاث محاولًا تنفيذ قراره (١٣٦ تقييمات) وما تلاه من تكاليف أمر بها، فيكتب على سبورته أسئلة للحصة، ثم أخرى للواجب، ثم أخرى علاجًا تدريسيًّا لضعاف القراءة، فينقله الأولاد فى دفاترهم، ثم يشرح لهم درسهم ويجيبوا عن أسئلة كتابهم، كل ذلك فى نصف فترة ٥٠ دقيقة، ثم فى ال ٥٠ دقيقة الأخرى يكتب لهم ثلاث تقييمات (أ، ب، ج) ليتخير كل منهم ما تيسر له منها فيجيبه، فإذا ما فرغوا منها جمع دفاترهم فراجعها وصححها وأعطى كل منهم درجته فى دفتره على التقييم والواجب وغيره ثم أثبتها فى سجلاته من ساعته ولا يؤخر ذلك إلى قابل الأيام، ثم يكرر ذلك كله فى الفصلين الآخرين فى يومه! هذا غير تكاليف أخرى لم أذكرها ويعلمها هو، فإن استطاع معاليه ذلك لفرط فطنة أو ذكاء أو علم امتاز به عن سائر المعلمين فهى فرصة ليتعلموا منه، ويقطع عليهم الأعذار والحجج، ويعلموا أن عجزهم عن (القرار ١٣٦ تقييمات) إنما هو من عند أنفسهم وضعف أصاب عزائمهم، وأما إن كانت الأخرى فلم تُواتِهِ القدرة والاستطاعة وضاقت به الساعة فلا بأس، فإن كل ابن آدم يدركه الضعف لا محالة، فهلم فلنرجع إلى الهدى الصالح، فلقد كان من هَدْى الإسلام فى الخدم والعبيد أنه نهى السادة أن يكلفوا من تحت أيديهم من إخوانهم من الخدم أو العبيد ما لا يطيقون، فإن هم كلفوهم فليعينوهم، وإنه أسوة بالخدم والعبيد فإما أن يكلف محمد عبد اللطيف المعلمين بما يطيقون، أو أن يعينهم بأمداد من هؤلاء المتابعين الجائلين فى المدارس ليعينوهم وليس ليتتبعوا سقطاتهم، فأما أن يكلف المعلمين ما لا يطيقون ثم يهجم عليهم (بعِدَّة وتجريدة) متتبعًا سقطًا أو خطأً أو هنة ضاق عنها الوقت ليحاسب المدرس بها ويؤاخذه عليها فليس هذا بالفعل السوى، وليس يقبله الحر السوى.
---------------------------------------
بقلم: محمد زين العابدين
mohammedzein110@gmail.com

مقالات اخرى للكاتب

إفراج