قصف متواصل بلا هداوة من عدو الله وعدوكم على غزة، وقتل متواصل في الضفة، شهداء يتساقطون كالورد، والضحية الشعب الفلسطيني كله.
خمسة وسبعون عامًا والشعب الفلسطيني يعاني من المحتل الغاصب.
هل تتخيلون أن تفقد الأم طفلها أو فلذة كبدها وهو في عمر الزهور أمام ناظريها في لحظة ؟
هل تتخيلون أن يفقد الطفل كل عائلته ويبقى يتيمًا وحيدًا في لحظة ؟
هل تتخيلون أن يرى الشاب والديه يُقتلان أمام عينيه بلا سبب سوى أنه فلسطيني؟
هل تتخيلون أن تُهدم دارك على رأسك في لحظة ؟
هل تتخيلون أن يأتي الغريب ليحتل بيتك؟ وعندما تقول له لا، يرد قائلًا: لماذا ؟ فتجيبه: هذا بيتي وهذه أرضي، فيرد عليك: إذا لم تعطني إياه سيأخذه غريب غيري! فتقول بكل تحد: ليس لك وليس لغيرك بل لأولادي وأحفادي من بعدي،
فيوجه الغريب الرصاص إلى صدر أولادك وأحفادك وهو يقول: لم يعد لك الآن أي حجة!
هل تتخيلون أن يأتي الغريب ويقلع اشجارك ويحرق حقلك ؟
هل تتخيلون أن يأتي الغريب ويقتل ماشيتك؟
هل تتخيلون أن يأتي الغريب ويعتقل زوجك وكل أولادك ليزج بهم في غياهب السجون سنوات طوال بلا ذنب سوى أنهم قالوا لا لن نستسلم؟
هل تتخيلون أن يهجم الغريب على بيتك وأطفالك نيام ليسرق بيتك ويحطم كل ما فيه بلا حجة ولا سبب؟
هل تتخيلون أن يأتي الغريب ويهدم مدرستك ومشفاك وكنيستك ومسجدك على رأسك؟
هل تتخيلون أن يأتي الغريب ويقطع الماء والدواء والغذاء والكهرباء والوقود عنك وعن شعبك وبلادك؟
هل تتخيلون أن يأتي الغريب ويمطرك بوابل من جحيم القنابل ليقتل كل ما يدبّ على الأرض ويفجّر بيتك وأرضك؟
كل ذلك يحدث أمام عينيك والعالم يتفرج!
خمسة وسبعون عامًا والعالم يتفرج!
ضع نفسك أيها المرء في كل تلك المواقف والأحداث، ماذا كنت ستفعل ؟
لو كنتَ فلسطينيًا ماذا كنتَ ستشعر وماذا كنت ستفعل؟
بكل صراحة لو كنتُ فلسطينيًا لكرهتُ العالم كله، ولشعرتُ بالحقد على كل غريب، وعلى العالم كله.
لكن هاهم الأبطال الأشاوس أصحاب السمو والعظمة والجلالة، الشعب الصامد ومعهم رجال المقاومة البواسل، يثبتون لنا العكس في كل مواقفهم البطولية، يثبتون أنهم رجال الحق والعدالة والرحمة، لأنهم يحاربون باسم الحق وياسم الله الرحمن الرحيم.
لو كنت فلسطينية لاعتبرتُ كل يهودي ويهودية شركاء في الظلم، لكن انظروا كيف يُعاملون الرهائن، أية إنسانية يمتلكون في نفوسهم العظيمة!
أي سمو يتسامى في قلوبهم الرحيمة!
نرى الصهاينة كيف يعاملون الأسرى والمعتقلين الفلسطينين في سجونهم، نراهم وهم يمزقون الملابس عن أجساد الشهداء ويقيّدون أيديهم وأرجلهم، نراهم وهم يصبون حقدهم على جثث الشهداء والنساء والأطفال .
نرى كل ذلك ونقارن، وشتان بين الثرى والثريا وبين الحق والباطل وبين العدل والظلم.
لذا ليس عندي سوى
تحية إجلال وتقدير لكم أيها الشعب الفلسطيني العظيم الذي أنجب من رحم النساء الفلسطينيات رجالًا تنحني لهم الأرض كلها ومن عليها، نحن عاجزون عن الشكر والامتنان لكم، لقد رفعتم من قيمة العروبة والإسلام والإنسان، شكرا لكم أبها الأبطال العظماء.
وتحية إكبار وإجلال لكم، والموت والعار والهزيمة لعدو الله وعدوكم.
---------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الاوروبية للتنمية والسلام