02 - 05 - 2025

محامون يتقدمون بطلب للحكومة البريطانية بإعادة النظر في تصنيف حماس حركة "إرهابية"

محامون يتقدمون بطلب للحكومة البريطانية بإعادة النظر في تصنيف حماس حركة

تقرير – آمال رتيب:




كلفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحالفا من محامين في لندن بتقديم طلب إلى وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر، بموجب المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000، لإزالة اسم الحركة من قائمة المنظمات المحظورة والمصنفة "إرهابية".

وقُدِّم الطلب يوم الأربعاء الماضي لمكتب الوزيرة، نيابة عن رئيس مكتب العلاقات الدولية في المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق، بوصفه موكلا لتحالف "ريفير واي" للمحاماة الذي يضم عددا من مكاتب المحاماة و24 من الباحثين القانونيين والأكاديميين المستقلين.

فلماذا أقدمت حماس على هذه الخطوة الآن، وما هي مآلات هذا الطلب؟ 


في تصريح إعلامي قال المحامي دانيال جروترز: إنه تم تقديم طلب عبر وزارة الداخلية البريطانية للنظر في رفع اسم حماس من قائمة المنظمات المحظورة، وقد تم تقديم الطلب بناء على المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000، وأضاف: يستند الطلب إلى ثلاث أسس رئيسية؛ تتعلق أولا بمبادئ القانون الدولي، ويشير الطلب إلى أن وصف المنظمة يتعارض مع مبادئ هذا القانون، والحجة الثانية تتعلق بحرية التعبير، وإن فرض قيود على منظمة ناشطة في فلسطين العزيزة على قلوب كثير من شعوب العالم، مما يصعب إجراء نقاشات سياسية دقيقة حول فلسطين، ويؤثر ذلك سلبا على حرية التعبير والنقاش. 


د. محمد مهران: يكشف أسباب لجوء حماس للمحاكم البريطانية 

أسباب قانونية
وكشف الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، عن الأسباب القانونية التي دفعت حركة المقاومة الفلسطينية حماس إلى اختيار المحاكم البريطانية تحديداً لرفع دعوى قضائية تطالب بإلغاء قرار اعتبارها جماعة إرهابية.

وفي تصريح خاص لـ"المشهد" قال الدكتور مهران: إن اختيار حماس للمحاكم البريطانية يستند إلى عدة أسباب، أبرزها استقلالية القضاء البريطاني وما يشهد له من تاريخ عريق في نظر القضايا ذات البعد السياسي والحقوقي، فضلاً عن الفصل الواضح بين السلطات في النظام البريطاني، مما يتيح للمحاكم هناك اتخاذ قرارات مستقلة عن توجهات الحكومة.

وتابع مهران: النظام القانوني البريطاني يتميز بإتاحة آليات مراجعة قضائية فعالة للقرارات الإدارية والتشريعية، وهو ما يُعرف بـ Judicial Review، حيث يمكن للمحاكم مراجعة قرارات السلطة التنفيذية والتشريعية وإلغائها إذا ثبت مخالفتها للقانون أو تجاوزها للسلطة أو عدم معقوليتها.

وأوضح أن التشريعات البريطانية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وتحديداً قانون الإرهاب لعام 2000 وتعديلاته، تتضمن تعريفاً محدداً للإرهاب وشروطاً دقيقة لإدراج المنظمات على قوائم الإرهاب، وهو ما تسعى حماس لإثبات عدم انطباقه عليها من الناحية القانونية.

وأضاف: حركة حماس تستند في دعواها إلى حقيقة قانونية مهمة وهي أن حق المقاومة المسلحة ضد الاحتلال حق مشروع ومعترف به في القانون الدولي، ويمكن التمييز بينها وبين الإرهاب وفقاً للمعايير الدولية، مشيرا إلى أن هذا التمييز تم الاعتراف به في العديد من قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك قرار الجمعية العامة رقم 3246 لعام 1974 الذي يؤكد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية.

لماذا بريطانيا؟

ولفت الدكتور مهران إلى أن السابقة القضائية المهمة التي شجعت حماس على اللجوء للمحاكم البريطانية هي قضية منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، التي نجحت في عام 2007 في إقناع محكمة الاستئناف البريطانية بإلغاء إدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية، حيث قضت المحكمة بأن قرار وزير الداخلية البريطاني بإدراج المنظمة كان غير قانوني.

وأشار استاذ القانون الدولي إلى أن المحاكم البريطانية أظهرت استعداداً للنظر في القضايا المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بموضوعية نسبية، كما حدث في قضايا مذكرات الاعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب، وهو ما يمنح حماس أملاً في الحصول على محاكمة عادلة.

وبين الدكتور مهران أن الدعوى القضائية تستند أيضاً إلى التطورات القانونية الأخيرة في المحكمة الجنائية الدولية، التي اعترفت باختصاصها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفتحت تحقيقاً في جرائم الحرب المحتملة في فلسطين، مما يعزز الموقف القانوني لحماس كحركة مقاومة في سياق احتلال معترف به دولياً.

وفي ختام تصريحه قال: بغض النظر عن النتيجة النهائية للدعوى، فإن اللجوء للمحاكم البريطانية يمثل استراتيجية قانونية ذكية من حماس، حيث يتيح لها منصة قانونية لتقديم حججها وأدلتها في إطار قانوني محايد نسبياً، وفرصة لتحدي الرواية الغربية السائدة عنها.

وأشار إلى أن مجرد قبول المحكمة للنظر في الدعوى سيشكل في حد ذاته انتصاراً أولياً، ويفتح الباب أمام نقاش قانوني موسع حول التمييز بين حركات المقاومة المشروعة والمنظمات الإرهابية وفقاً للقانون الدولي.


المستشار زيد الطوباسي: حماس تغير جلدها والطلب يشف عن ملامح اتفاق خلف الكواليس


حظوظ الطعن

من جهته يرى المستشار الفلسطيني زيد الطوباسي توجه حماس للقضاء البريطاني للطعن على القرار الذي صدر عن بريطانيا باعتبار حماس حركة إرهابية وضعت على قائمة الإرهاب في بريطانيا منذ العام 2021، أنه قرار من الناحية القانونية يحق لها باعتبار أنها المستهدفة أن تطعن عليه، ولكن هل القضاء البريطاني سيغير من مضمون القرار، وهل سيلغيه أم يؤكد عليه؟

 وأوضح: في اعتقادي أن حظوظ حماس بالحصول على قرار يلغي اعتبارها حركة إرهابية حظوظ ضعيفة، إلا إذا هناك ترتيب مع بريطانيا من تحت الطاولة من أجل رفع حماس من قوائم الإرهاب وحتى لا تحرج الحكومة البريطانية بمثل هذا القرار طلبوا من حماس أن تتقدم بالطعن للقضاء؛ والقضاء هو سيد أحكامه وهو قضاء مستقل، وهو مَنْ بيده القرار لقبول الطعن.

نسخة جديدة
 وألمح الطوباسي أنه قد يكون هناك اتفاق من هذا النوع خاصة في ظل الحديث عن صفقة شاملة مع حماس، وهناك مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال ستيف ويتكوف ، قد يكون هناك اتفاق أشمل وأعم من اتفاق الولايات المتحدة مع حماس، قد يكون هناك دول أوربية وعلي رأسها بريطانيا الحليف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، بالتالي أعتقد إن تركنا الأمر للقانون والقضاء البريطاني، سيكون مصير الطعن هو الفشل، سيما وأن حماس متهمة بقتل مدنيين ومتهمة باستهداف أطفال وأعيان مدنية تحديدا ما حدث يوم 7 أكتوبر، فحظوظ هذا المسار تكاد تكون منعدمة، ولا ندري لماذا فكرت حماس باتخاذ هذا المسار الآن، هل رتبت أوراقها مع أوربا ومع أمريكا، تحضيرا لانتهاء الحرب، وهذا يأتي في سياق استحقاقات انهاء الحرب على قطاع غزة، أو أن حماس تريد أن تقدم نفسها في نسخة جديدة للمجتمع الدولي، النسخة غير الموصومة بالإرهاب، ففي نهاية الأمر كل العالم يندد بالإرهاب، ومن ثم المسؤول عن العلاقات الخارجية "موسى أبو مرزوق" الذي يحاول تحسين صورة حماس أمام أوربا والمجتمع الدولي بشكل عام. 

يبدو أنها ترتيبات حمساوية داخلية تقتضي معالجة وسمها بالإرهاب، أو أن هناك اتفاق مسبق مع هذه الدول العظمى (بريطانيا وأمريكا) فهذا الأمر يحتاج إلى الانتظار للقرار الذي ستتخذه المحكمة تجاه الطعن الذي قدمه محامو حماس في بريطانيا،

 وعلينا ألا ننسى ونحن نفكر في هذا الأمر أن بريطانيا هي الحاضنة الحقيقية والأم الشرعية لحركة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها حركة حماس، وبالتالي هي ستتصرف بريطانيا مع هذا الطعن تصرف الأم مع ابنها برحم ونوع من الحفاظ على هذا الابن المسمى حماس أحد أذرع الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط ، بل هي الذراع المسلح للإخوان المسلمين ولديه مؤيدين كثر، فهل ستقوم بريطانيا لأنها الحاضنة للحركة بتقديم طوق نجاة لحماس، وعلى طريق تقديم وجه جديد لحماس للمجتمع الدولي، ومن الممكن مستقبلا أن ترفض كلا من تركيا وقطر استقبال قادة حماس، وبالتالي إذا رُفع هذا الحظر فستستطيع بريطانيا استقبال قادة حماس والعيش على أراضيها، وهل هناك اتفاق إلى تحول حماس إلى حركة سياسية بلا ذراع عسكري مسلح، وهذا أحد شروط أي صفقة مستقبلية مع حماس، لإلغاء بريطانيا صفة الإرهاب عن حماس ومن ثم تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي عامة.

وأضاف الطوباسي: اعتقد أننا أمام صفقة كبيرة يتم الترتيب لها بعيدا عن الأضواء والإعلام، خاصة ما تحدث به الرئيس ترامب ومبعوثه ويتكوف، وبعض المسؤولين المصريين بأننا على وشك إتمام صفقة قريبة، فهل تم الاتفاق مع حماس خلف الكواليس بعيدا عن الضجيج الإعلامي، أميل لهذا الرأي، علما أن كل الأطراف تتحدث عن صفقة تكاد توشك زن تتم باستثناء حماس، التي لم يصدر عنها أي بيان أو تعليق على هذه الصفقة المحتملة، ورغم ما صرحت به المقاومة أنها لن تتعاطى مع المقترح الإسرائيلي الذي يقتضي تسليم سلاح المقاومة، فأعتقد أن هذه التصريحات للاستهلاك الإعلامي فقط، فمن الثابت أن هناك موافقات خلف الأضواء.

وأقول إن الأيام القليلة القادمة ستكشف عن اتفاق شامل مع حماس يرتبط بإنهاء حكمها لقطاع غزة، أما موضوع السلاح، فحماس ليس لديها تلك القدرة العسكرية ولا ترسانة الأسلحة التي تمكنها من الصمود أمام الآلة الإسرائيلية، إنما يحتاج إلى تفكيك وتسليمه للسلطة الفلسطينية أو لجمهورية مصر العربية، لأنه تم تدمير خلال المقاومة التي شهدها القطاع، أعتقد أن الصفقة ستشهد تراجعا من حماس، فليس لها خيار، وربما تتحول إلى حزب سياسي يحمل اسما مغايرا لمسمى " حماس"، والسؤال هل سيشارك هذا الحزب في حكم الشعب الفلسطيني ضمن أطر سياسية محددة، أتوقع إهماله على الأقل فترة عشر سنوات لضبط مفاهيمه وتأكيد توافقه مع النظام السياسي، وهو الأمر الذي يتطلب أن ننتظر ما ستأتي به الأيام.


تفاصيل الطلب
وكانت حركة حماس قد صُنّفت ضمن الجماعات المحظورة في بريطانيا يوم 26 نوفمبر 2021 من قبل وزيرة الداخلية آنذاك بريتي باتيل، بينما كانت كتائب القسام-الجناح المسلح للحركة- مدرجة في القائمة منذ مارس 2001.

وفي بيانهم الصحفي، أشار تحالف المحامين إلى أن "استمرار حظر حماس يعني الدعم والتواطؤ في استعمار فلسطين والجرائم ضد الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها الدولة الصهيونية، وهذا يتعارض مع التزامات الدولة البريطانية بموجب القانونين الدولي والمحلي".

وأوضح التحالف أن المعيار القانوني لحظر منظمة ما هو أنها "معنية بالإرهاب"، بينما تقول حماس إن "التعريف الواسع لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2000، يشمل أيضا جميع الجماعات والمنظمات حول العالم التي تستخدم العنف لتحقيق أهداف سياسية، بما في ذلك القوات الإسرائيلية والجيش الأوكراني والقوات المسلحة البريطانية نفسها، وبالطبع، ليست كل هذه الجماعات محظورة، حيث إن الأمر في النهاية يعد مسألة تقدير لوزيرة الداخلية".

واستند الطلب إلى خبرة 19 باحثا، ينتمون إلى خلفيات أكاديمية وصحفية وسياسية وثقافية متنوعة، استطاعوا تقديم 24 تقريرا تفصّل تاريخ وسياق تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم، منذ أواخر القرن الـ19 وحتى الآن.