30 - 04 - 2025

حول (التعريفة الجمركية.. الرأي ما رأى الأمير)

حول (التعريفة الجمركية.. الرأي ما رأى الأمير)

(عزيزي ..

مقالة في وقتها ولكني اعتقد أن الأمر عكس مبدأ ما رأي الأمير، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعبر عن أحد تيارات الولايات المتحدة ويمكن أن يقال عنه الجزء الظاهر من جبل الجليد. بمعنى أنه يعبر عن سياسات ولكنه لا يصنعها.

أما أثر ترامب فهو في إخراج تلك القرارات، والتي تتم وفق شخصيته؛ أي بأسلوب نرجسي لا يتفق مع الدبلوماسية.

وقد توصلت مراكز الفكر الأمريكي إلى نتيجة مفادها أنه بالرغم مما جلبته العولمة لأمريكا من منافع؛ تمثلت في انخفاض معدلات التضخم والنمو الاقتصادي، إلا أن ذلك جاء على حساب الخلل الكبير في الميزان التجاري وارتفاع المديونية لحدود خطيرة وكذلك الارتفاع الكبير في جانب الالتزامات والاعباء الدفاعية والضغط على التركيبة السكانية وما نجم عنها من آثار اجتماعية تمثلت في الهجرة غير الشرعية وكذلك تحدي تغيير التركيبة السكانية وانخفاض نسبة العرق الأنجلو سكسوني البروتستانتي في تركيبة السكان في أمريكا.

الأمر الذي جعل من هذه العوامل مصدر تهديد حقيقي لوضع الولايات المتحدة الأمريكية ومخاوف من عدم ضمان استدامة عناصر قوتها على المستوي العالمي، ومن ثم لجأت إلى سياسة انعزالية شملت فرض حدود ضريبية لإعادة التوازن للميزان التجاري، وخفض النفقات عامة والالتزامات الاجتماعية مثل المساعدات المالية والانفاق العسكري خاصة لدول أوروبا وحرب أوكرانيا، وأيضًا التعاون مع المنظمات الدولية (الصحة العالمية واليونسكو).

هذا فضلاً عن السياسات ذات الصلة بالمهاجرين والأجانب، والعمل على زيادة الموارد من خلال تخفيض الالتزامات البيئية، ورفع معدلات استخراج البترول والغاز لجلب مزيد من الإيرادات، وتخفيض قيمة العملة من خلال خفض كُلفة الفوائد لزيادة معدلات جذب الاستثمارات وتنشيط الانتاج المحلي ليحل محل الواردات.

هذا ويتضح أن جميع هذه الاجراءات تمثل نسقا متكاملا وليست ضربات متناثرة في اتجاهات مختلفة، وكذلك تمثل توجها متكاملا، و هو ما لا يستطيع القيام به فرد واحد أو مجموعة محددة من الأفراد ولكنها تمثل تيارا عاما، ومن هنا اختلف مع وصف ما يتم بأنه ما يريد الأمير ولكن يمكن وصفه بأنه تحت قيادة الأمير)، هكذا عقب الدكتور حافظ السلماوي، الرئيس الأسبق لمرفق الكهرباء والأستاذ بهندسة الزقازيق، على مقال (التعريفة الجمركية .. الرأي ما رأى الأمير) ، المنشور بنفس الزاوية.

ويأخذني التعقيب إلى ما يجتاح الساحة السياسية عالميًا من سيادة تيارات أحزاب اليمين في أوروبا؛ حيث يتولى رئاسة الوزارة في إيطاليا والمجر وبولندا قادة يمينيون، وكذلك ما واكب الانتخابات البرلمانية الأوروبية مؤخرًا من ارتفاع نسبة الفائزين من أحزاب اليمين في فرنسا وهولندا وبولندا والمجر والنمسا وإسبانيا والدنمارك، والسويد، ومؤخرًا ألمانيا وحصول حزب البديل اليميني على 25% متقدمًا على التحالف المسيحي.

وأخيرًا، صدور حكم إدانة لزعيمة حزب اليمين في فرنسا؛ ماري لوبان، جراء شبهات فساد، يمنعها من الترشح في انتخابات الرئاسة القادمة عام 2027، رغم تقدم شعبيتها عن باقي المتنافسين بنسبة 37%، مما أثار ردود فعل حادة من جانب القادة اليمينيين في أوروبا وكذلك الرئيس ترامب ومساعده إيلون ماسك، إذ جعلوا من المحكمة الفرنسية أداة إعاقة سياسية للسيدة لوبان وحزبها.

في إثر ذلك التيار اليميني العالمي الهائج، تحولت ساحة الاقتصاد إلى حلبة ملاكمة الأساس فيها تبادل ضربات التعريفة الجمركية تحت الحزام، دون أية اعتبارات أخرى.
--------------------
بقلم: 
د. محمد مصطفى الخياط
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

حول (مسقط .. عندما تتحصن السياسة بالجغرافيا)