07 - 05 - 2025

فرنسا والجزائر تعلنان بداية مرحلة جديدة من التعاون بعد أزمة دبلوماسية طويلة

فرنسا والجزائر تعلنان بداية مرحلة جديدة من التعاون بعد أزمة دبلوماسية طويلة

بعد أزمة دبلوماسية حادة استمرت لعدة أشهر، وصلت العلاقات بين فرنسا والجزائر إلى نقطة شبه قطيعة، حيث كانت التوترات متصاعدة بسبب قضايا حساسة. 

ولكن، مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى الجزائر، تم الإعلان عن بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، تهدف إلى تعزيز التعاون وبناء "علاقة ندية"، وذلك بعد استقباله من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ومحادثاته مع وزير الخارجية أحمد عطاف.

في اللقاء الذي استمر ساعتين ونصف، أكد بارو على رغبة البلدين المشتركة في "رفع الستار" عن فترة التوترات والعمل من أجل "إعادة بناء شراكة هادئة". وأعلن استئناف العلاقات الثنائية في مجالات متعددة، خاصة في المجالات الأمنية وملف الذاكرة التاريخية بين البلدين.

وأضاف بارو قائلاً: "فرنسا تسعى إلى طي صفحة التوترات الحالية، والعودة إلى سبل التعاون التي تخدم مصالحنا المشتركة لتحقيق نتائج ملموسة لصالح شعوبنا". 

وأشار إلى أنه سيتم تفعيل كافة آليات التعاون بين البلدين في مختلف القطاعات.

وفيما يتعلق باللقاء مع الرئيس تبون، وصف بارو المحادثات بأنها "مفيدة جدًا"، مؤكداً أن العلاقات بين المؤسسات ليست على نفس مستوى العلاقات الإنسانية الثنائية، والتي تتميز بعلاقات عميقة بين العديد من الأسر الفرنسية الجزائرية التي تقسم حياتها بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

مصادر دبلوماسية فرنسية أفادت بأن محادثات بارو مع أحمد عطاف كانت "معمقة وصريحة"، وركزت على القضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية، خاصة قضايا الهجرة. 

وكان الهدف من الزيارة هو "ترسيخ" استئناف الحوار حول القضايا الحساسة التي تعيق العلاقات بين البلدين، وفي مقدمتها الهجرة.

كما أعلن بارو عن استئناف التعاون الأمني بين البلدين عبر عقد اجتماع قريب لكبار مسؤولي الاستخبارات، بالإضافة إلى بدء حوار استراتيجي حول منطقة الساحل، حيث تشترك الجزائر مع مالي والنيجر في حدود طويلة. وأكد أن كلا البلدين يشعران بالقلق من عودة الجهاديين من سوريا.

فيما يتعلق بالجانب القضائي، تم إعادة تفعيل التعاون في هذا المجال، مع إعلان زيارة مرتقبة لوزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، إضافة إلى دعوة النيابة العامة الفرنسية للنظر في ملفات "الأموال المكتسبة بشكل غير مشروع" لمسؤولين جزائريين في فرنسا.

وبخصوص الهجرة، تم استئناف التعاون بين البلدين في هذا المجال، مع معالجة قضايا مثل التأشيرات وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وذلك في إطار الاتفاقات السابقة.

على الصعيد الاقتصادي، أكد بارو أن الرئيس تبون أبدى نيته لدفع التعاون الاقتصادي مع فرنسا في مجالات عدة، بما في ذلك الصناعات الغذائية، الزراعة، السيارات، والنقل البحري. 

كما أعلن عن عقد اجتماع بين رجال الأعمال الفرنسيين والجزائريين في باريس في مايو المقبل.

وبخصوص ملف الذاكرة التاريخية، تم الاتفاق على إعادة تفعيل اللجنة المشتركة للمؤرخين، حيث سيزور المؤرخ بنجامين ستورا الجزائر بناءً على دعوة من الرئيس تبون لاستكمال العمل حول استعادة الممتلكات الثقافية.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين البلدين بدأت تتحسن منذ المكالمة الهاتفية بين الرئيسين تبون وماكرون في 31 مارس، حيث تم الاتفاق على إعادة إطلاق العلاقات الثنائية وتكليف وزيري خارجية البلدين بالعمل على تعزيز هذه العلاقات بشكل سريع. 

هذا الاتفاق جاء بعد ثمانية أشهر من التوترات التي كادت تصل إلى قطيعة دبلوماسية، جراء عدد من القضايا، أبرزها الهجرة وتوقيف الكاتب بوعلام صنصال في نوفمبر 2024، فضلاً عن دعم فرنسا للسيادة المغربية على الصحراء الغربية في يوليو 2024، مما أثار استياء الجزائر.

وفي هذا السياق، أعرب وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو عن أمله في أن تلتزم الجزائر بشكل صارم باتفاقية الهجرة الثنائية لعام 1994، والتي تنص على قبول الجزائر للمواطنين الجزائريين الذين ترغب فرنسا في طردهم.