منذ قرون مضت سطى راعي البقر الأمريكي على حضارة الهنود الحمر وأقام بنيان العم السام على أنقاض ذوي البشرة السمراء وفضحتها سينما هوليوود بشجاعة في حقبة التسعينات برائعة الفنان العالمي كيفين كوستنر - تمثيلا وإخراجا - في فيلم الأوسكار "الرقص مع الذئاب" .. وبذات منطق السطو ولصوص التاريخ استقرت قطعنا الأثرية في متاحف أوروبا منذ سنوات وزحفت كنوزنا على جدران الخواجات يستفيدون من خيراتها وأرباحها سنويا من جيوب السائحين الأجانب ويرفعون بها أسهم البورصات العالمية بما يخدم مصالح الغرب ويضاعف من مكاسبه المادية والثقافية من وعاء التهريب الواسع!.
لايجرؤ المستعمر أو الطامع على إحكام قبضته على مقدرات وثروات الآخر إلا إذا كان هذا الآخر غارقا في الغفلة وراضخا للإفراط في الاستهتار، والتفريط في الحقوق والامتيازات .. ودقت الدولة المصرية ناقوس الخطر وأطلقت جرس الإنذار للانتباه والاستيقاظ .. فسارعت السلطات في تحريك ملف استرداد الآثار المنهوبة وتكثييف الحملات الدبلوماسية والأمنية فضلا عن الفرمانات الرئاسية لفتح أبواب متاحفنا ومناطقنا السياحية شمالا وجنوبا أمام آلاف القطع واللوحات والمقتنيات النفيسة التي لاتقدر بثمن أو مال وتفوق قيمتها الجمالية والتاريخية أي مساومة أو ابتزاز أو مزادات علنية تزينها مليارات الدولارات وعمولات ما تحت المائدة الخضراء!.
مرت سنوات والجريمة الكبرى التي جنى الكثير من ورائها الغرب وسماسرة صالات العرض ومهربو التحف والتماثيل الذهبية والأحجار الكريمة لاتفارق كل من يحمل مشاعر الإخلاص والوفاء والانتماء لمصرنا الغالية .. ونحن الآن على مشارف قص شريط المتحف المصري الكبير تتعطش قاعاته الفاخرة وردهاته الفسيحة لملء مساحاتها بكل القطع الأثرية المهاجرة لتعود إلى موطنها الأصلي ويدرك جميع البشر من كل الجنسيات تاريخها وعراقتها وصلتها بحضارتنا الأجدر بأن تفوز بملكيتها الفكرية .. حضارة وادي النيل التي حرمتها "قرصنة" الخارج و"خيانة" عملاء الداخل من الانتعاش السياحي والاقتصادي على مدار الأجيال، ومنحت من لا يملك مالا يستحق مثلما يحدث الآن في اغتصاب الأوطان واحتلال الأرض وإبادة الأمم والشعوب ... لقد فتح الملف والتحقيق لايزال مستمرا .. ولن نغلقه أبدا!.
------------------------------
بقلم: شريف سمير
* نائب رئيس تحرير الأهرام
مقالات سابقة في ملف "نحن والغرب"