لطالما حاولت الدعاية الصهيونية، مدعومة بأذرعها الإعلامية والسياسية في الغرب وبعض الأنظمة العربية، تصوير جرائم الاحتلال الإسرائيلي على أنها "ردود فعل" على المقاومة، وكأن إسرائيل دولة مسالمة لم تكن لتعتدي لولا أن هناك من أطلق عليها النار! لكن هذه الرواية الزائفة تتهاوى بمجرد النظر إلى المشهد الأوسع: هل غزة وحدها التي تتعرض للتدمير؟ ماذا عن الضفة الغربية، التي لم تطلق صاروخاً واحداً، ومع ذلك تُجرف أراضيها، وتُقتل قياداتها، ويُبطش بشبابها؟ ماذا عن سوريا، التي لم تستطع الرد على مئات الغارات الإسرائيلية التي استهدفت جيشها وبنيتها التحتية؟ ماذا عن العراق واليمن ولبنان وإيران، التي تتعرض جميعها لعمليات اغتيال وتخريب ممنهج؟
إسرائيل لا تحتاج إلى مبررات للقتل
منذ إنشائها على أنقاض فلسطين، وإسرائيل لا تفعل شيئًا سوى القتل والتخريب. هي لم تنتظر "مبررًا" لاحتلال الضفة الغربية عام 1967، ولم تنتظر ذريعة لتدمير بيروت في 1982، ولم تحتج إلى "مبرر" لضرب سوريا كل بضعة أشهر، ولم تجد غضاضة في اغتيال العلماء الإيرانيين داخل أراضيهم، ولم تحتج إلى "مبررات" لقتل آلاف الأطفال والنساء في غزة في 2023. الاحتلال بطبيعته عدواني، لأنه يدرك أنه لا يمكنه البقاء إلا بفرض الأمر الواقع بالقوة، وإرهاب كل من يحاول مجرد التفكير في مقاومته.
المظاهرات ضد حماس: إخراج صهيوني بأدوات محلية
في ظل هذه الجرائم، تسعى إسرائيل إلى ضرب أي قوة مقاومة لها، ليس فقط عبر السلاح، بل عبر خلق بيئة سياسية وإعلامية تخدم مصالحها. المظاهرات التي خرجت في غزة ضد حماس ليست "حراكًا شعبيًا عفويًا"، بل عملية موجهة بدقة، تقف خلفها أيادٍ معروفة. من يقود هذه الحملة؟ إنه تحالف خفي يضم:
*. السلطة الفلسطينية في رام الله، التي ترى في مقاومة غزة تهديدًا لمصالحها، بل إن بعض مسؤوليها كانوا أول من حرضوا على تدمير غزة خلال العدوان الإسرائيلي.
*. جهات إقليمية معروفة بدورها في دعم مشاريع التطبيع والتصفية، والتي تعمل على إضعاف أي حركة مقاومة تسعى لمواجهة الاحتلال.
*. تيارات محلية ارتبطت بمشاريع خارجية، تسعى لإضعاف غزة من الداخل، وتستخدم أموالاً ودعماً سياسياً لضرب جبهة المقاومة.
رسالة إلى أهل غزة: سقوط حماس يعني سقوطكم جميعًا
إلى أهل غزة، الذين يظنون أن إسقاط حماس سيجلب لهم حياةً أفضل، تأملوا جيدًا في مصير الضفة الغربية، حيث تُقتل المقاومة في مهدها، وتُجرف الأرض، ويُطارد كل من يرفع رأسه. إذا سقطت حماس، فلن تحميكم لا أمريكا، ولا إسرائيل، ولا الدول العربية التي تشجعكم اليوم على التمرد، فهذه الدول نفسها لم تستطع حماية نفسها من مشاريع الاحتلال والهيمنة.
حماية حماس ليست مجرد حماية لفصيل سياسي، بل هي آخر أمل لكم في بقاء شيء اسمه فلسطين. هي آخر أمل لكم في أن تبقوا عربًا، لأن البديل واضح: ترامب، الذي أصبح أول رئيس أمريكي يهودي صهيوني متطرف، لن يتردد لحظة في تهجيركم وإحلال المستوطنين مكانكم، كما حدث في 1948 و1967 وكما سيحدث غدًا إذا لم تصمدوا اليوم.
تعلموا الدرس.. لا تسقطوا كما سقطت عصابة أوسلو ، كما سقط المدحلن
أنتم اليوم أهل فلسطين، أنتم غزة التي غيرت العالم. لا تكرروا أخطاء من باعوا القضية، لا تفتحوا الأبواب للخونة كي يعبثوا بمستقبل أبنائكم. على كل خائن أن يرحل، دون أن يشيطن حماس أو يطعن المقاومة في ظهرها. من الواضح أن كمية الخيانة في الوطن العربي، وفي غزة تحديدًا، تفوق الشرفاء، والاغتيالات والتدمير خير دليل، من الشيخ أحمد ياسين إلى يحيى السنوار، إلى المتحدث باسم حماس الذي استشهد بالأمس.
هذه حرب وجود وليست مجرد معركة سياسية، فإما أن تصمدوا وإما أن تزولوا كما زال غيركم، وحينها لن يبكي عليكم أحد.
----------------------------
بقلم: عز الدين الهواري