01 - 05 - 2025

اكتبْ يا جَوّاد

اكتبْ يا جَوّاد

أعلمُ أنك تسمعني علىٰ وقع خطاك فلا تصم الأذان، فقد آن وقت الصّلاة لفتات مغمس بالأناة ورفات مُسجّىٰ بالرّفات !! علىٰ وقع الشّهادة والحصار والنّار تطفئها النّار.

فقُم يا جَوّاد وانثر شِعرك في الغبار عساه يفك أحجيات الشّهادة والولادة في رحم الإبادة..

واعلمْ أنّ البحر مدادك.. مدك الصّامت؛ ومداك؛ ورملك الشّارد في النّزوح وملح الجروح، فلا تبوح لموجة غادرة عن سرّك الدّفين؛ ولا لنسمةٍ عابرة عن نورسك الحزين.

كن كالماء في قسوته ينحت الصّخر ويخصب البحر من نداه.

حاورتُ اللازورديّ فكان السراب، وعانقتُ الورديّ فجُنّ التّراب، وحاورتُ القَصيّ فحنّ الغياب،  وجاورتُ السّحاب فحَلّ الخراب.

فقل لي يا جَوّاد أين الجموع ؟!

وأين الضّمير في جرح غزّة ؟!

وأين الخشوع ؟!

وقل لي يا جَوّاد عن الشّهداء هل يشفعون لنا ؟!

هل يسمعون وغزّة تزف الدّموع  قرابين كرامة ما بين العين ورمشها وما بين الضّلوع ؟!

وقل يا جَوّاد شعرًا تنزفه الرّيح ولا تستريح؛ تزفّه الثّكلىٰ في عثرة الأقدام.. في زحمة الألغام.. وفي شهوة الإعلام المُزاحم للملاحم والمَزاعم..

وقل لنا يا جَوّاد عن المدىٰ الذي هدّه الصّدىٰ، وعن مقام الصّبا، وعن فلسفة الرّدىٰ..

واكتبْ يا جَوّاد عن بحرٍ ما عاد بحرًا.. صار زَبَدًا في انكساره، صار ملاذًا لذاك الطّافي عند المنكسرات، صار مشاكسًا للهواء..

وارسمْ وجه الحبيبة في الهباء تلقاه ظلًّا للسماء، تلقاه نجمًا يهيم علىٰ وجهه شاردًا في الفناء؛ أو شاهدًا أو شهيدًا.

واكتبْ يا جَوّاد في شواهد المرحلة عن مهزلة العالَم وعن المقتلة.

واكتبْ يا جَوّاد عن غزّة وهي تُباد تُكابد للبقاء ليست بالقيامة المؤجلة لكنّها الجلجلة !!

***

إهداء إلىٰ الشّاعر الصّابر الصّامد "جَوّاد العقّاد" الذي يتعرض للحصار والإبادة في غزّة للعام التّالي.
------------------------------
بقلم: عصام الخطيب
* شاعر فلسطيني

مقالات اخرى للكاتب

مصر لإدارة الأصول العقارية تحصد ذهبية