الرضا لغة ضد التسخط، والرضا بالشيء الركون إليه وعدم النفرة منه.
والرضا اصطلاحا هو طيب النفس بما يصيبها ويفوتها مع عدم التغير ، الرضا من أعظم النعم وهو مرتبة عالية من مراتب الصبر، ويضفى على النفس الهدوء والطمأنينة ويكسب صاحبه التوازن النفسى، ويبعث بين جوانحه السعادة ويعطى للحياة معنى....
والعلاقة وثيقة بين الصبر والرضا مع ما بينهما من اختلاف:
فالصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله، وحبس القلب عن التسخط، وحبس الجوارح عن اللطم وشق الثياب ونحوها
أما الرضا فهو صبر وزيادة، فالراضى صابر، ومع هذا الصبر فهو راض بقضاء الله لا يتألم به
ويقول اهل العلم:
الرضا درجة أعلى من الصبر، وهى درجة السابقين بالخيرات، ولذلك كانت مستحبة وليست واجبة، فلا يأثم الإنسان إذا لم يصل إليها، غير أنه مطالب بمجاهدة نفسه والشيطان حتى يصل إلى تلك الدرجة العالية، أما الصبر فواجب بحيث يأثم الإنسان إذا لم يصبر على ما أصابه من مكروه.
ومن وصايا لقمان عليه السلام لابنه: أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك عن سخطه، أن تعبد الله لا تشرك به شيئا وان ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت.
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: ذروة سنام الإيمان أربع خلال: الصبر للحكم، والرضا بالقدر، والإخلاص للتوكل، والاستسلام للرب عز وجل.
وقال ابن القيم: الرضا من أعمال القلوب نظير الجهاد من أعمال الجوارح، فإن كل واحد منهما ذروة سنام الإيمان
ويقول أحد الصالحين: إن من وطن نفسه على الرضا عاش فى الدنيا حياة طيبة، ولم تعرف الهموم والأكدار إلى قلبه سبيلاً
ويقول جلال الدين الرومي: عود نفسك الرضا عن الله بقسمته التى قسم لك، وبالنصيب الذى كتب لك، وبالطريق الذى مهد لك، والمركب الذى يسر بك، وبالحياة التى صاغ لك.
ويقول أيضا: الرضا لمن يرضى، والهدوء لمن أطفأ صوت الضجيج داخله، السلام لمن اختار الصبر دربا، والحياة لمن قرر أن يعيشها ببساطة بعيدا عن تعقيدات الآخرين.
ويقول الشاعر:
إن الرضا عند النوائب سلوة
والصبر إن حل الأسى تطبيب
ما طال ليل أو تداعت كربه
إلا ولطف الله منك قريب
ويقول شاعر آخر:
إذا كنت لا تستطيع دفع صغيرة
ألمت ولا تستطيع دفع كبير
فسلم إلى الله المقادير راضياً
ولا تسألن بالأمر غير خبير
ومن اوتى جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم أوصانا بالرضا فقال: "ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا، و بالاسلام دينا، و بمحمد رسولا"
وبشرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بأن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك، فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول أنا اعطيكم افضل من ذلك قالوا يارب وأي شيء أفضل من ذلك، قال أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبدا.
ورضا الله ورضوانه هو الفوز العظيم (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم) المائدة ١١٩، (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم) التوبة ٧٢، (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) التوبة ١٠٠
ونيل رضا الله سبحانه وتعالى يكون بالحرص على العمل بما يحب الله ويرضاه، والابتعاد عما يسخطه، والامتثال لأوامره، واجتناب نواهيه، واتباع سنة الحبيب المصطفى، وأن يحب فى الله ويبغض فيه.
اللهم اجعلنا من أهل الرضا والتسليم، ووفقنا لننال رضاك عنا، لنكون من الفائزين بنعيم الجنة.
------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج