فى حفل إفطار القوات المسلحة صرح الرئيس السيسى بوجوب البحث والدراسة فى الحالة الإعلامية والإنتاج الدرامى الذى لا يتوافق مع متطلبات المرحلة التى تعيشها البلاد.
نعم فالإعلام والدراما والفن بكل وسائله له الدور المهم والمقدر فى تشكيل الثقافة العامة ورفع درجة الوعى، تأكيدأ وتمكينا للهوية المصرية الجامعة لكل المصريين والحفاظ على التقاليد والقيم الحضارية المصرية.
ومن المعروف أن الدراما عبر التاريخ ومن خلال الأساليب والطرق المتعددة والمتنوعة التى تقدم من خلالها، كانت وستظل تلعب دورا هاما ورئيسيا فى تشكيل الوعى والوجدان الجماهيرى بالسلب أو بالايجاب. فإذا كان أرسطو قد قال أن (الفن هو مرآة للمجتمع) . فهذا لا يعنى أن الفن هو انعكاس حرفى لما يحدث فى المجتمع !! ولكن يعنى أن الفنان هو ابن المجتمع يتأثر بما يحدث فيه، فيعبر عن ذاته ورؤيته الفنية المبدعة ليس نقلا فوتوغرافيا بل تفاعلا ابداعيا يهدف إلى تغيير هذا الواقع للأحسن، وذلك تأكيدا لمقولة أرسطو أيضا أن (الفن هو حالة إنسانية للتطهر). والتطهر هنا يعنى التطهر من كل السلبيات والخطايا والانحراف الملازم لطبيعة الحياة البشرية وصولا للحالة المثلى التى يجب أن نصبو إلى تحقيقها طوال الوقت .
فما هى الدراما الآن؟ للأسف الشديد ما نراه الآن هو حالة من انعكاس وتصوير حرفى لكل مثالب وسلبيات المجتمع والواقع وكأن ذلك قدر مكتوب يفرض علينا نماذج منحرفة ومشوهة وسلوكيات مشينة تتحول عن طريق تأثير هذه الدراما إلى نماذج يتم التأثر بها، فنزيد الواقع انحرافا وانحلالا وفسادا ! فهل كل المجتمع بهذه الصفات المنحلة والشريرة التى تجعل القتل والغدر والحسد والحقد والكراهية وكأنها حالة طبيعية، بل سلوكيات مبررة ومشروعة؟ وهل المبالغة فى تصوير حياة البذخ والإسراف والمجتمعات المخملية للمنحرفين من تجار المخدرات والآثار، وفى ظل الحالة الاقتصادية المزرية التى يعيشها المواطن المصرى. هل هذا يكون فى صالح السلام الاجتماعى؟ ام يزيد حالات الحقد ويقدم الانحراف كطريق للصعود الاجتماعى، بديلا للعمل المشروع والسير فى الطريق الصحيح؟ فما الحل ؟
أولا: ليس بتشكيل لجان، فكم من لجان شكلت وكم من تعليمات أعلنت، والأهم هو الإرادة السياسية الحقيقية والصحيحة. فلا يجب أن تكون هناك آراء للتغيير ويقابلها قرارات وواقع يناقض ما يعلن من آراء !! فمن الذى أنتج تلك الدراما المرفوضة الآن بعد غلق الأبواب أمام الإنتاج الخاص، وسيطرت ما تسمى بالشركة المتحدة على الإنتاج والاعلام والقنوات والصحافة؟! كما نرى أن الإعلام بكل مسمياته المملوك للشركة يهلل ويمدح أعمال الشركة بلا حدود فنية أو مهنية، تنفيذا للأوامر ومراعاة لأكل العيش!! كنا نتمنى أن تقوم الشركة بدور مؤسسة السينما وهيئة المسرح وقطاع الإنتاج فى الستينات الذي أنتج ذلك التراث الفنى الخالد والباقى.
ثانيا: لا فن ولا دراما فى واقع فنى يخضع لما يسمى النجم، ذلك النجم الذى يعتمد على دغدغة عواطف الجماهير بأساليب هابطة لا علاقة لها بقيمة الفن . فهو الذى يلزم المؤلف بما يريده ويختار المخرج الذى يخرج ما يهواه !!! وفى الجعبة الكثير !!!
ثالثا: لايكون هناك فن ودراما تقوم بدورها المطلوب فى وجود حالة خضوع كامل لشركات اعلان تحدد ما تريد من فن ودراما لخدمة تسويقية تساهم فى نشر حالة استهلاكية تتناقض مع ظروفنا الاقتصادية الضاغطة.
رابعا: هذه مشكلة ليست منفصلة عن كل المشاكل وكل القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى يجب أن نحدد وجهتنا ونوجه بوصلتنا من خلال رؤية متكاملة لكى يخدم كل مجال على باقى المجالات حتى نصل إلى حالة صحيحة تقوم بالدور المطلوب لرفعة الوطن وتقدمه، ولكى نصل إلى توافق وطنى يحتاجه الوطن الأن اشد الاحتياج لمواجهة اخطر المواجهات التى تحتاج إلى مجهود وجهود الجميع بلا استثناء . حفظ الله مصر الجميلة وحفظ شعبها الجميل .
-----------------------
بقلم: جمال أسعد