نعيش يوم الثامن عشر من رمضان مع كلام الحبيب وحديث يدعونا إلى تحرى الحلال والحرام وإتقاء الشبهات.
عن أبى عبد الله النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لايعلمهن كثيرا من الناس فمن إتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وأن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب" . رواه البخارى ومسلم
(قوله صلى الله عليه وسلم إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات إلخ) قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى الحلال مادل الدليل على حله ،وقال الشافعى رضى الله عنه الحرام مادل الدليل على تحريمه.
وبين الحلال والحرام أمور مشتبهة بالحلال والحرام فحيث إنتفت الشبهة إنتفت الكراهة ، فمن إتقى الشبهات فقد إستبرأ لدينه وعرضه أى طلب براءة دينه وسلم من الشبهة وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم.
وقوله عليه الصلاة والسلام فمن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام يحتمل أمرين أحدهما أن يقع فى الحرام وهو يظن أنه ليس بحرام والثانى أن يكون المعنى قد قارب أن يقع فى الحرام والنفس إذا وقعت فى المخالفة تدرجت من مفسدة لأخرى أكبر منها والدليل على المعنى من القرآن (ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) آل عمران :112
فكثرة المعاصى تدرجت بهم ليصلوا إلى قتل الأنبياء.
وقوله صلى الله عليه وسلم ألا وأن فى الجسد مضغة أى أن فى الجسد مضغة إذا خشعت خشعت الجوارح وفى هذا المعنى قال العلماء البدن مملكة النفس ومدينتها والقلب وسط المملكة والأعضاء فالقلب هو الملك فإذا صلح صلحت الرعية وإذا فسد فسدت وصلاح القلب بسلامته من الأمراض الباطنة كالغل والحسد والشح والبخل والكبر والرياء والطمع وعدم الرضا وحصر العلماء أمراض القلب فى أربعين مرضا عافانا الله منها وجعلنا ممن يلقونه بقلب سليم وفى القرأن جاء ذكر القلب السليم مرتين " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) الشعراء ؛88-89 "إذ جاء ربه بقلب سليم" الصافات -84 وهى خاصة بسيدنا إبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم من الشرك مخلص له التوحيد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبينا وحبيبنا المصطفى يدعو "اللهم يامقلب القلوب ثبت قلبى على دينك"
------------------------------
بقلم: نجوى طنطاوي
