"آن الأوان لحرب عالمية شاملة ضد الفقر .. ويجب على الدول الغنية أن تستخدم مصادر ثروتها الطائلة لتنمية الدول النامية".. عبارة أشبه بفرمان ثوري قالها مارتن لوثر كينج رائد مكافحة التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينيات، وفي تلك الحقبة التاريخية المكتظة بالحروب العسكرية وصراعات الكبار السياسية، كان للسلاح المباشر الكلمة العليا والسطوة الأولى .. بل كان القرار العالمي هو المحرك الرئيسي لاقتصاد الدول والتحكم في موارد وثروات الشعوب .. ويبدو أن مقولة الثائر الأسمر كينج كانت سابقة لعصرها وقارئة ثاقبة للمستقبل .. وبعد أكثر من 6 عقود تحولت دفة العالم إلى شراع التجارة والمال ليصبح هو القائد .. هو المعلم .. هو القبطان الرسمي لأي سفينة تبحر في ظلمات النزاعات الدولية والمعارك المشتعلة!.
الشعار المرفوع الآن فوق أعناق ملايين البشر ولافتة عريضة لمئات المؤتمرات والمنتديات هو "القضاء على الفقر" .. ومواجهة هذا التحدي الأبرز والأكبر لايتسنى بدون تكامل الرؤى وتوحيد الأهداف ودمج الأفكار والطموحات .. ببساطة إتقان لغة المصالح .. وإذا كان معسكر الغرب في الماضي القريب أو البعيد يحشد الأنظمة السياسية بكل تياراتها وكوادرها ضد الشرق الأوسط واختراق مساحاته لإحكام القبضة على كنوزه ومناطقه الاستراتيجية، فهو اليوم يفتح الأبواب للمصالحة والشراكة الشاملة مع الأشقاء العرب ودول أفريقيا للاستفادة من العلاقات في تحسين اقتصاد القارة البيضاء العجوز .. فقد تصدع الجسد الأوروبي وتمزقت أوصاله وضربته موجة "البريكست" العاصفة وانشقت بريطانيا عن كتلة الاتحاد اقتصاديا باحثة عن شركاء وأصدقاء جدد أكثر ترويجا وتسويقا لمنتجاتها وبضائعها .. وارتمى المتمرد البريطاني في أحضان النمور الآسيوية تارة، وغازل أسواق العرب وأفريقيا تارة أخرى .. وهكذا دخل الاتحاد الأوروبي في مزاد علني لاستقبال العروض وتهافت المستثمرين من كل مكان يقدمون إغراءاتهم ويفتحون خزائن مشروعاتهم في الشرق الأوسط بمنطق "المنفعة المتبادلة"!.
- بدأ مشوار الألف ميل مع الغرب لخوض غمار أخطر معركة تحدد مصائر الملايين من شعوب العالم .. ضد الفقر .. ولكل جولة بطلها وجندها .. وورقتها الرابحة!.
-----------------------------------
بقلم: شريف سمير *
* مدير تحرير جريدة الأهرام
