02 - 05 - 2025

إيباك تحكم العالم و تشكل السياسة الأمريكية: تحليل لتأثير اللوبي الصهيوني

إيباك تحكم العالم و تشكل السياسة الأمريكية: تحليل لتأثير اللوبي الصهيوني

تُعد منظمة "إيباك" (AIPAC) - اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة - واحدة من أقوى المنظمات المؤثرة في السياسة الأمريكية، ليس فقط في علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل، بل أيضًا في تشكيل السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة بشكل عام. تُوصف "إيباك" بأنها الذراع السياسي للوبي الصهيوني في أمريكا، وهي تمثل مصالح الكيان الصهيوني في واشنطن، وتلعب دورًا محوريًا في توجيه القرارات السياسية والاقتصادية والإعلامية في البلاد.

ما هي ايباك؟

تأسست "إيباك" عام 1951، وهي منظمة غير حزبية تهدف إلى تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ومع ذلك، فإن تأثيرها يتجاوز مجرد الدبلوماسية التقليدية. تمتلك "إيباك" شبكة واسعة من العلاقات داخل الكونجرس والإدارة الأمريكية، وتُعتبر واحدة من أكثر جماعات الضغط فعالية في واشنطن. وفقًا لتقارير متعددة، فإن "إيباك" تمول بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من 95% من أعضاء الكونجرس الأمريكي، مما يجعلها قادرة على التأثير في صناعة القرارات التي تخدم مصالح الكيان الصهيوني.

التغلغل في أركان النظام الأمريكي

 الكونجرس الأمريكي: تُعد "إيباك" لاعبًا رئيسيًا في تشكيل التشريعات الأمريكية. من خلال تمويل الحملات الانتخابية وتقديم الدعم المالي والسياسي لأعضاء الكونجرس، تتحكم المنظمة في العديد من القرارات المتعلقة بالشرق الأوسط. يُشار إلى أن "إيباك" تضع شروطًا على المرشحين للكونجرس، حيث يتعهدون بدعم إسرائيل مقابل الحصول على التمويل والدعم الانتخابي.

الإدارة الأمريكية: لا يقتصر تأثير "إيباك" على الكونجرس فقط، بل يمتد إلى البيت الأبيض. العديد من المسؤولين في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء الديمقراطية أو الجمهورية، لديهم روابط قوية مع "إيباك". تُعتبر إدارة الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب نموذجًا واضحًا لهذا التأثير، حيث كانت تُوصف بأنها "صهيونية" أكثر من إسرائيل نفسها. قرارات مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وقطع المساعدات عن الفلسطينيين كانت نتاجًا مباشرًا لضغوط "إيباك".

الإعلام: تمتلك "إيباك" نفوذًا كبيرًا في وسائل الإعلام الأمريكية، حيث تسيطر على جزء كبير من الخطاب الإعلامي المتعلق بإسرائيل والشرق الأوسط. يتم تصوير إسرائيل دائمًا على أنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بينما يتم تشويه صورة الفلسطينيين والعرب بشكل عام. هذا التحكم في الرواية الإعلامية يساعد في تشكيل الرأي العام الأمريكي لصالح الكيان الصهيوني.

الجامعات والمؤسسات الأكاديمية: تمول "إيباك" العديد من البرامج الأكاديمية والمراكز البحثية في الجامعات الأمريكية، مما يضمن أن تكون الرواية الصهيونية هي السائدة في الأوساط الأكاديمية. يتم تهميش الأصوات الناقدة لإسرائيل أو حتى طردها من الجامعات تحت ذرائع مختلفة.

السياسة الخارجية الأمريكية: أداة في يد "إيباك"

تُعتبر السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط انعكاسًا مباشرًا لتأثير "إيباك". من خلال الضغط على الإدارة الأمريكية، تمكنت المنظمة من تحويل الولايات المتحدة إلى حليف استراتيجي لإسرائيل، حتى عندما تتعارض مصالح واشنطن مع مصالحها الوطنية. القرارات الأمريكية المتعلقة بالحروب في العراق وسوريا، ودعم الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، وحتى الموقف من الملف النووي الإيراني، كلها تتأثر بشكل كبير بضغوط "إيباك". تدعم الإدارة الأمريكية، بتوجيه من "إيباك"، الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط حتى تظهر إسرائيل كـ"الديمقراطية الوحيدة" في المنطقة.

الانتخابات الأمريكية: بين الواقع والوهم

على الرغم من الحديث عن "الديمقراطية الأمريكية" و"نزاهة الانتخابات"، فإن الواقع يشير إلى أن "إيباك" تلعب دورًا كبيرًا في توجيه نتائج الانتخابات. من خلال تمويل الحملات الانتخابية وتوجيه أصوات الناخبين اليهود، تتحكم المنظمة في مسار الانتخابات لضمان وصول المرشحين الموالين لإسرائيل إلى السلطة. هذا يجعل الانتخابات الأمريكية، في كثير من الأحيان، مجرد مسرحية تُدار من خلف الكواليس لخدمة أجندة صهيونية.

تحذير بنجامين فرانكلين: نبوءة تحققت

في عام 1787، حذر الأب المؤسس للولايات المتحدة، بنجامين فرانكلين، من مخاطر السماح لليهود بالسيطرة على البلاد. قال فرانكلين: "إذا لم نطرد اليهود، فسوف نعمل لديهم في بلادنا"، أي أنهم سيصبحون سادة الشعب الأمريكي. اليوم، يبدو أن تحذير فرانكلين قد تحقق بشكل كامل. "إيباك" واللوبي الصهيوني يتحكمان في مفاصل الدولة الأمريكية، من السياسة إلى الاقتصاد إلى الإعلام، مما يجعل الولايات المتحدة أداة في يد الكيان الصهيوني.

"إيباك" ليست مجرد منظمة ضغط عادية، بل هي قوة سياسية واقتصادية وإعلامية تُشكل مصير الولايات المتحدة. من خلال سيطرتها على الكونجرس والإدارة الأمريكية والإعلام والجامعات، تتحكم المنظمة في السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة لخدمة مصالح الكيان الصهيوني. هذا الواقع يطرح تساؤلات كبيرة حول مستقبل الديمقراطية الأمريكية وحريتها المزعومة، ويؤكد أن الولايات المتحدة أصبحت، إلى حد كبير، دولة تحت سيطرة اللوبي الصهيوني.
---------------------
بقلم عز الدين الهواري

مقالات اخرى للكاتب

محكمة الذكاء الاصطناعي التجارية: ثورة فى عالم العدالة الرقمية