من المستحيل عدم تقدير الخطوة الدبلوماسية العبقرية التي قام بها القطريون الأسبوع الماضي، فبعد عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منتشيًا من رحلته إلى واشنطن، مقتنعًا بأنه يسيطر على الرئيس دونالد ترامب، تحرك القطريون على مسارهم الخاص.
لقد سئموا من إسرائيل، التي تعيق خطتهم الإقليمية، لذا قاموا ببساطة بإزالة الوسيط، واتصلت قطر بالمبعوث الأمريكي الخاص بشؤون الرهائن، آدم بوهلر، وعرضت عليه صفقة الأحلام: احصل على خمسة رهائن أمريكيين، من بينهم إيدان ألكسندر الذي لا يزال على قيد الحياة، دون مقابل. من قال إنك بحاجة إلى إسرائيل؟ دع إسرائيل وحماس تتحدثان مباشرة مع بعضهما البعض.
هذه الخطوة، التي كشف عنها لأول مرة الصحفي باراك رافيد، أخرجت نتنياهو من حالة الرضا عن النفس ودَفعت المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من صفقة الرهائن بشكل جاد.
قدم تقرير رافيد رئيس الوزراء نتنياهو كشخص لا قيمة له في واشنطن. تمتلك الولايات المتحدة أهدافها الخاصة في هذا الملف وتتمثل في تحرير الرهائن، وإنهاء الحرب، والسلام الإقليمي، والاستثمارات السعودية وستحققها بأي وسيلة.
يمكن لنتنياهو أن يغضب ويرسل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، لإجراء مكالمات توبيخ، ويمكنه ابلاغ الصحفي يعقوب بردوغو أن الفكرة كانت فكرته العبقرية من الأساس، لكن كل الطرق تؤدي إلى الدوحة.
من دون ان ننجر الى التفاؤل المفرط، يمكننا القول انه قد تكون هناك أخبار جيدة قريبًا، فقد أشار المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إلى أنه يخطط للقدوم إلى هنا لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل.
كان من المفترض أن يصل يوم الخميس، لكن زيارته تأجلت، وعندما يحصل على الضوء الأخضر بحلول يوم الأحد (ربما)، سيستقل الطائرة ويأتي.
من جانبها تسرّع إسرائيل المفاوضات بشأن ما سماه نتنياهو "مقترح ويتكوف" في محاولة لاستباق أي صفقة محتملة بين حماس والولايات المتحدة، والاقتراح يتضمن الإفراج عن نصف الرهائن الأحياء الآن، والنصف الآخر في 21 أبريل، بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي، في هذه الأثناء، ستنسحب إسرائيل من ممر فيلادلفيا (لا تقلقوا، قناة 14 الإخبارية ستنشر بالتأكيد تقريرًا عن ضمان أمريكي يسمح لإسرائيل بالعودة في أي لحظة)، وستسمح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى حماس، وستوافق – بشكل جاد هذه المرة – على بدء محادثات حول المرحلة التالية، والتي تعني ترتيبات طويلة الأمد لغزة.
ويقول مصدر إن حماس أبدت مرونة كبيرة في عدد ونوعية الأسرى الذين هي مستعدة لاستقبالهم كنقطة بداية، وتفسر إسرائيل ذلك على أنه مؤشر على أن حماس تريد صفقة، لكن المصدر يحذر قائلاً: "لا تتحمسوا لذلك، فالأمر أشبه بسوبر ماركت. لا يهم كم تدفع مقابل منتج مخفض السعر، بل كم تدفع إجمالًا عند الدفع".
في الخلفية، هناك الجدول الزمني السياسي لإسرائيل. نتنياهو في مأزق قبل الموعد النهائي في الحادي والثلاثين من مارس لإقرار الميزانية، ويعارض وزير الإسكان يتسحاق غولدكنوبف المسودة الحالية للميزانية، ويبدو أن عضو الكنيست إسرائيل أيخلر يعارضها أيضًا. يحاول نتنياهو وقف النزيف ومنع جميع السياسيين الحريديم من الرضوخ لضغوط حسيدية غور للتمرد. انه يبيع لحزب شاس ضربة وشيكة ضد إيران، على ما يبدو بناءً على افتراض أن ناخبيه لا يقرؤون الأخبار ولا يدركون أن ترامب يريد صفقة، لا هجومًا، كما يعد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش باحتلال غزة، ويعد عضو الكنيست إيتمار بن غفير بوقف المساعدات الإنسانية إلى غزة، ويلوّح أمام اليمين بأكمله، بنيته المعلنة للإطاحة بالمستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف-ميارا، بالإضافة إلى الإطاحة برئيس جهاز الشاباك، رونين بار، وهي عملية لم تبدأ بعد.
رسالة نتنياهو واضحة: لا تجرؤوا على إسقاط حكومة يمينية قبل تحقيق الإنجازات التاريخية في غزة وطهران ووزارة العدل، لكن المشكلة هي أن سموتريتش ليس ساذجًا، فهو يعرف أن نتنياهو يبيعه أوهامًا، وإذا استنتج أن الحكومة على وشك السقوط، فقد يستغل الميزانية لنسف كل شيء. يجب أيضًا الانتباه إلى التقارير الواردة من الولايات المتحدة بشأن الزيارة المخططة لترامب إلى السعودية بعد رمضان، حيث تقول إسرائيل إن هناك مؤشرات أولية، لكن بسبب جدول عيد الفصح العبري وعيد (إنشاء إسرائيل)، فإن أوائل مايو تبدو أكثر واقعية من أوائل أبريل. إذا ذهب ترامب إلى الرياض، فسيكون ذلك من أجل تطور إقليمي مهم، وليس من أجل الرمال، وأي شخص يراهن على استئناف الحرب في أبريل عليه أن يأخذ ذلك في الحسبان.
-------------------------
حاييم ليفنسون - صحيفة هاآرتس