02 - 05 - 2025

"نحن والغرب" أو أنا والآخر النقيض (2/2) تشقق بطيء للجدار

***

ما زلنا نشهد ذروة هذا الحضور حتى هذه اللحظة، "فالآخر" اليوم يفرض مقولته "بإرادة دولية"، بمعنى أنه يفرض وصايته الكبرى على مضمون الثقافة العربية الإسلامية وشكلها، من خلال مشاريع ومبادرات يبررها القرار والدبابة والصاروخ والتمويل المشروط، وهو يقوم بتجريم كل من يرغب بالبحث أو النظر في "أناه" بطريقة تختلف عن أسلوب "الآخر" ومنهجه. والآن، يفرض "الآخر" معرفته ولا يكتفي بذلك، بل يفرض منهج معرفته، أيضاً، ولا يكتفي بذلك، أيضاً، بل يضع النتائج باعتبار أن "الآخر" هو مركز الكون، وأن مسار حضارته هو مسار الحضارات جميعاً، وأن نهايات تطوره هي نهايات العالم، وهو بهذا يلغي مسارات الآخرين ونهاياتهم، أيضاً.

الثقافة العربية الإسلامية تواجه تحديات لم تكن من قبل، أهمها تذويب خصوصيتها وإشغالها بمسائل هامشية، ومحاولة قراءتها بطريقة تخدم الآخر لعقود قادمة، وتحويل شعوب هذه المنطقة إلى "شعوب تحب الديمقراطية وترفض الإرهاب"!.

***

وها نحن نرى سباق المثقفين الغربيين من كتاب ومخرجين وسياسيين ومفكرين وفنانين في توجيه الإهانات "العميقة" للإسلام، وسبق ذلك في بداية القرن العشرين بحثٌ محموم لتقديم الإسلام  بطريقة مشوّهة تدعو الى الرثاء، وجرت قراءة الاسلام وتفسيره بمناهج البحث الغربية وبالمنطلقات القيمية والمعرفية الغربية، فأصبح الاسلام ظاهرة "ضد المدنية والتقدم" باعتباره دينا مسلحا يخلو من الطرب والخمر وحرية النساء وحرية الغلمان، وليس من الغرابة ان دعت العلمانية الى مذهب الغلمانية وسنت القوانين وسيرت المظاهرات تأييدا لهذا المذهب الذي أصاب قوم لوط فخسفهم ربهم أعمدة من الملح المر.

والمشكلة هنا أنهم يهاجمون إسلامنا وينهبون ثرواتنا، ويحتلون أرضنا ويغيرون مناهجنا ويعلموننا الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية المرأة وحرية اللواط أيضا.

ومنذ العام 1830 وحتى هذه اللحظة ونحن لم نتعلم شيئاً سوى الفوضى والتفكك ومزيدا من التشظي والتخلف دون أن نتخلّى عن الاسلام، إذاً، هناك مشكلة حقيقية، وبدلا من ميلاد أنظمة ومجتمعات تتعلم من الغرب وتسير على هديه ومنهجه، فقد زرع الغرب في بلادنا اسرائيل لتكون لنا نموذجا يحتذى في احترام حقوق الانسان وحقوق الغلمان أيضا!! وبدلا من أن تسير خطط التنمية والتقدم والتحرر في بلادنا، فقد ضرب الغرب بيديه أو بأياد إسرائيلية ورجعية كل علامات التقدم والتنمية، وهكذا فإن بلادنا التي تسبح على بحار النفط والذهب والفوسفات تحولت - بقدرة قادر - إلى أفقر بقاع الأرض، وتحولت مجتمعاتها التي تربط بينها روابط اللغة والتاريخ والهدف إلى أكثر المجتمعات فرقة واختلافا.

وبعد كل هذا الظلم والاحتلال والاستغلال والإهمال والقتل والهدم والتفكيك والتهميش والتحقير، يأتي "مثقف ما" أو "مفكر ما" أو "سياسي ما" ليعلمنا الاسلام الصحيح واللغة الصحيحة والديمقراطية التي لا مثيل لها! وينقّى التاريخ العربي من البقع المضيئة ويركّز على البقع الدامية! فنغمة المستشرقين الأوائل الذين كتبوا تقاريرهم للمخابرات ومن ثم حوّلوها الى كتب علمية تناقلها مثقفنا العربي وجعل منها هاديه ونبراسه وعنوان تحرّره! وتتكرر اليوم بالطريقة ذاتها، ولكن باختلاف أن من يُصدر النغمة هم الاعلاميّون والمثقفون والسياسيون والقادة الأقل ثقافة أو قُل الأكثر غباءً في العالم أو كراهية للإسلام.

وحتى نضع الأمور في نصابها الصحيح، وحتى لا نضيع في متاهات وردود أفعال انفعالية ونتحول إلى مدافعين عما ألصق بنا وبديننا من اتهامات، فإن من دواعي الحق والحقيقة القول إن  كل هذا يَصُب في خانة واحدة، عنوانها الكبير والصغير، السيطرة على منطقتنا العربية والاسلامية خدمةً لهدفين اثنين لا ثالث لهما:

نهب ثرواتنا من جهة وحماية اسرائيل من جهة أخرى ولا شيء ثالث.

ونذهب إلى التاريخ قليلا ففي يوم 18 تشرين الثاني من العام 1095 – أي قبل ألف سنة ويزيد – وقف البابا أوربان في مدينة كليرمونت بفرنسا وقال أمام ثلاثمئة وعشرة من الأساقفة والقساوسة ما ننقله بالنص هنا "يا خزينا، يا عارنا، إذا ما انتصر جنس يتّسم بهذه الحقارة والانحطاط وتستعبده الشياطين والعفاريت، على شعب أنعم الله القدير عليه بالإيمان وتباهى باسم المسيح".

في هذا الخطاب الذي  شكّل الأساس لما عرف في حينه بالحروب الصليبية، وصف البابا المذكور المسلمين بهذه الأوصاف "الجنس الخسيس، الكفار، البرابرة، الأتراك".. وهذا الكلام لا نتقوّل به على أحد، بل هو وارد في كتاب لقسيس يدعى فوشية الشارتري بعنوان "تاريخ الحملة الى القدس"، وكان هذا المؤلف القسيس أول قسيس صليبي في أول إمارة صليبية أقيمت في بلادنا.

وبعد أكثر من ألف سنة نسمع من جديد أن الاسلام فاشي، وأن الحضارة الغربية أفضل من الحضارات الاسلامية وأن الاسلام متوحش وأن هناك إسلاميين: واحد ليبرالي مسالم وطيّع وناعم ومقبول، وآخر إرهابي ومتعصب ومتزمت، وأن المسلمين نوعان: معتدل ومتشدد، وأن الأنظمة والشعوب العربية والاسلامية مختلفة ومتنوعة باختلاف قربها وبعدها عن مكدونالد وكوكاكولا وبريتني سبيرز، ولا أحد يتحدث عن النفط أو عن إسرائيل.

الغرب استعلائي واقصائي تماما! أوربان هذا الذي شتم "الاتراك الذين هم شعب فارسي"، كما قال، لم يكن يعرف شيئا عن العلماء والفلاسفة والشعراء والكتّاب العرب والمسلمين، ولم يكن يعرف شيئا عن عظمة القاهرة وبغداد وحلب والقدس وقرطبة، حتى معلومات الغرب عن الطبّ لم تكن تزيد عن معرفة حلاّق في بلدة ريفية نائية، ومن يقرأ ما كتبه أسامة بن منقذ عن علوم الفرنجة الطبية سيضحك طويلا، ورغم ذلك يقف أوربان بكل ثقة ليقول إن المسلمين هم جنس يتسم بالحقارة والانحطاط، هل لهذا علاقة بما صرح به جون بولتون أن هناك فرقا بين دم ودم وقيمٍ وقيم.. خلال تبريره للعدوان الاسرائيلي على لبنان.. وهل يختلف عمّا يقوله قادة إسرائيل بأن العرب حيوانات بشرية؟

تقوم حكاية الغرب على أنهم جنس ّرفع، بالعرق والدين والمعرفة، وتقوم حكايتهم على أن التاريخ هو تاريخهم وأن الكون يدور حولهم، وأنهم صانعوا الاتجاهات والمعايير والمصطلحات وأنهم الأقدر على بناء أفضل السياقات الروحية والأرضية معا.

الحضارة التي أقاموها اعتبروها نهاية مايمكن الوصول إليه بشريا، وهم ينكرون على الآخرين مساهمتهم في صياغة أو بناء هذه الحضارة، وهم - لجهلهم أو غرورهم أو وهمهم - يعتقدون أن هذه الحضارة وصلت الى غايتها المجتمعية – بالحرية الفردية – وغايتها السياسية – بالديمقراطية السياسية – وبهذا لم يبقَ سوى تحقيق النبوءات الكبرى، وهكذا تصاب هذه الحضارة بكل ما تصاب به الحضارات القوية، البحث عن الأوهام من أجل تطبيقها او الانفجار من داخلها بحثا عن أوهامها.

وفي خضم هذا كله خرج علينا البابا الألماني بنيديكت ليفاجئنا الرجل بأنه فَكِه وطروب وصاحب ابتسامة تقطر إيماناً وتفهّما وتقوى وقداسة، ويفاجئنا أيضا انه لم يتقدم قيد أنملة عما قاله أوربان قبل ألف عام، رغم الانفجار المعرفي وتوالد محطات التلفزة الفضائية وانتقال العالم من غابة إلى مجرد قرية صغيرة تشرب الكوكا كولا وترقص على أنغام الروك والبلوز والفانك.. خرج علينا هذا الرجل في الوقت الذي لم يعد في الغرب ما يبهرسوى قوته، ليس إلاّ، فحكايته حول تعريف العالم وتفسيره لم تعد مقنعة، حتى هو لم يعد يُصدقها.

بابا روما لم ينتبه ولم يتعلم ولم يقرأ ما حدث طيلة الف سنة وأعاد القصة إلى أولها، أي أن البابا السابق يقدم الغطاء الديني اللازم من أجل السيطرة على منطقتنا بالحديد والنار، فما دُمنا نتبع نبياً لم يأتِ الاّ بالسيء والشرير، فلماذا لا نُصفى ونذبح وتؤخذ منا أراضينا وثرواتنا، ولماذا لا تتمتع أمريكا واسرائيل بخيرات هذه المنطقة، ولماذا لا نُغزى في عقر ديارنا، ونُحرم حتى من شمّ الأزهار.

يجب عليّ – على الأقل – أن أعتبر أن تصريحات البابا - التي ادّعي فيها أن المسلمين أساءوا فهمها وأخرجوها من سياقها – لاتخدم الحوار ولا التفاهم ولا أي أمر إنساني – بقدر خدمتها الاستعمارية والتوسعية واستعمال القوة بأقصى حالتها وتوحشها بحق المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير والشيشان والفلبين وسريلانكا والبوسنة.. وصولا إلى غزة!

إن البشرية جمعاء، ومنذ أول حرب وقعت بالتاريخ وحتى سنة 1914 لم يقتل من الناس بقدر القتلى الذين راحوا ضحية الحربين الأولى والثانية، وهي حروب بين أمم مسيحية تسابقت على النفوذ والتسلّح والتميز والأوهام. وإن التخلّف الذي نعيشه نحن العرب في القرون الأخيرة بسبب الاستعمار وما فعله فينا من مغايرة واستلاب وتجهيل، وليس بسبب ديننا! الذي نريده أكثر صفاء، وخاليا من الشوائب والغرائب والشاذّ. وإن المسيحية الغربية هي التي أنتجت أفكار التمييز والوهم مثل الفاشية  والنازية واللاسامية، وهي التي اخترعت حروب الاستباق والوقاية وهي التي خلقت الاستعمار القديم والجديد وهي التي احتقرت البشر وهي التي احتقرت البيئة واستغلت العالم حتى آخر قطرة فيه.

واضح ان هناك خللاً ما، خلل كبير يجب إصلاحه. وإذا كان اوربان – قبل ألف سنة – أشعل حربا بحجة أنها "إرادة الله" لمدة ثلاثمئة سنه، فإن البابا وسياسات الامبريالية المتوحشة ستشعل الحروب وتزيد أُوارها المستعر.

ونرى أن حروب القشتاليين في الأندلس، والحروب الصليبية، وحروب العثمانيين على آوروبا.. خلقت كلها هذه الترسّبات المعادية ضد العرب والإسلام. كما نرى أن الأكثرية الرسمية في دول الغرب، اليوم، هم الذين يؤيّدون القاتل الاسرائيلي، الذي يمثّل خندقهم المتقدّم في أحشاء الأُمّة العربيىة.. وهم قتلة مثله، فهم الذين يؤجّجون الصراع، ويعمّقون الكراهية، ويحطّمون المبادئ الإنسانية والقيم البشرية، وهم المسؤولون أمام الضمير الإنساني وأمام التاريخ.. لكنهم، للأسف الشديد، يعتقدون بأنهم يتفوّقون عِرقاً على غيرهم من الناس، ولايقيمون وزناً لأي قانون أو اتفاقية أو ميزان أخلاقي. والغريب أنهم يلهجون بالقيم ويدّعون القانون.. إنها غابة الأبيض المتوحّش، الذي ورث سجايا حروب "المئة عام" و"الوردة" و"محاكم التفتيش" و"قصف هيروشيما" و"حربين عالميتين" و"ظواهر الفاشية والنازية" و"إبادة مائة مليون من الهنود الحمر" و"المكارثية" و"الحروب الصليبية" و"الاستعمار الذي نهب ثروات إفريقيا وآسيا..". 

..من عندهم بدأت المذابح والإبادات وكل عمليات التطهير العرقي، التي قام بها العنصريون في قتل الملايين من السكان الأصليين، مرورا باستعباد ملايين الأفارقة، وصولاً إلى حروب إسرائيل العدوانية المجرمة .وكالعادة؛ يذهب القتلة إلى الكتاب المقدّس بحثاً عن مبرّر لفظاعاتهم. أنظر ما كتبه تزفيتان تودوروف ومنير العكش، في كتابيهما؛ حقّ التضحية بالآخر، وفتح أمريكا والإبادات الجماعية، إضافة إلى ما جاء في رواية ليلى العلمي الموسومة ب"ما قاله المغربيّ" ، وكتاب "قتلة زهرة القمر"، للصحفي الأميركي ديفيد غران، الذي يوثّق لمرحلة إرهاب وتصفية السكان الأصليين في العشرينيات من القرن الماضي، وهي الفترة التي قُتل خلالها العديد من أعضاء قبيلة أوسيدج في أوكلاهوما، بسبب ثروتهم النفطية.. ويستعرض جزءا صغيرا جدا من الإبادة الجماعية، التي مارسها الأميركيون ضد السكان الأصليين لأرض أميركا.. وأبرز المفارقة المدهشة بين رفع المسؤولين الأميركيين شعارات أخلاقية في العلن، مقابل تعاونهم، بل وصعودهم على أكتاف العصابات، التي تمارس الإجرام والتصفية الجسدية للسكان الأصليين، طمعا في ثروتهم. (أكد حاخام من مستوطنة يتسهار في كتاب بعنوان "توراة الملك" أن وصية "لا تقتل"، لا تنطبق إلا على اليهود، ويدعو إلى قتل الأطفال "الذين سيكبرون ويؤذوننا".) و(يدّعي المستوطن الحاخام اليهودي عوزي شرباف: كل المنطقة من سيناء المصرية وحتى النيل.. جزء من أرض إسرائيل، ويجب بذل كل جهد من أجل تحريرها!

***

وهذا لا يعني أن الموقف أو السياسات في المجتمع المدني الغربي، لم تذهب نحو التغيَّر ، وإن ببطء وحذر، تدريجياً، نحونا نحن العرب والمسلمين، بسبب المجازر التي اقترفها "الغربي الأبيض الصهيوني"، لكنّ هذا التغيّر، وفي ظل الترهيب  باسم معاداة الساميّة، ما زال يفتُّ في صورتنا ويظلمنا.. ويساعده في ذلك الجماعات الداعشية التي تقدّم نفسها ممثلة للإسلام. وهذا ظلمٌ بيّن. وهنا؛ علينا الإفادة، عرباً ومسلمين، من الفضاء الحرّ المَعيش في الغرب، وخصوصاً أن لديه مُتّسعاً لما يُسمّى بالأسئلة اللامتناهية، على رأي بعض المفكرين، (اللامتناهي في الأسئلة والإجابات والنقد) قولاً وممارسةً. وأن أحد سلبيات إعلامنا أنّه يتوجّه لنا أكثر مما يخاطب الرأي العام الغربي، بهدف ترميم صورتنا وتقديم صورة تمحو الرُّهاب عن الإسلام (ألإسلاموفوبيا) في ظلّ سيطرة انتشار حرّاس الكذب، الذين يمرّرون مقولاتهم، في ظل الفوضى الخلاّقه والعولمة والاحتلالات، لتعميق صورتنا السوداء المغلوطة في الغرب. على الرُّغم من تشقق الجدار، الذي فصل ما بين ما كان يحدث عندنا من مذابح وفظاعات من قبل الاحتلال وقوى الاستكبار، وبين متلقيات الوعي والإعلام الغربي، ما أحدث تحوّلاً في الرأي العام الغربي، لكنه ما زال بطيئاً وضعيفاً جداً. لهذا بقيتْ الثقافة الغربية الجمعية ثقافة عنصرية تّجاهنا، بسبب موضوعة الاستعمار. وبسبب الاستعمار كان لا بدّ للخطاب المستعمِر إلاّ أنْ يصِفنا بالدونيّة وبأنّ ثقافتنا خرافات وخيالات، وهذا جزء من مرافعته لتوفير الأعذار والمبرّرات لما يقترفه ضدنا.

إنّ هذا مقياساً عنصرياً ما زال متحكّماً ومستمراً ورافضاً لنا. إنّ الثقافة الغربية ثقافة هيمنة وذرائع، لكنّ ديننا أنتج ثقافة مساواة وقبول للآخر وثقافة حوار وعدالة.

ويبدو أنّ البعض يريد أنْ يُحْكَم المجتمع بثقافة غير ثقافته (حكم المجتمع خارج ثقافته) هل هذا معقول؟

المعقول هو المطالبة بإنهاض وتحديث هذه الثقافة وليس اجتثاثها، لأن ذلك عين المستحيل. وربما يطيب للكثيرين القول بأنه لا توجد رسالة إنسانية في ثقافة الغرب، وهذا صحيح إلى حدّ كبير، لأن الثقافة الغربية مكّنت الأقوياء فقط من فرض وعيهم وثقافتهم ومصالحهم (خمس دول يتحكّمون في مجلس الأمن)، عدا عن تصاعُد النازيّة والفاشيّة الجديدة وجماعة كارل الثاني عشر في الدول الاسكندنافية، ما يدلل على أن الثقافة الغربية، منذ اليونانية، هي ثقافة السيّد الأبيض، وبظنّي أن الغرب لم يغادر هذه الثقافة حتى الآن، لأنها تعمّقت خلال ممارساته الفظيعة فيما اقترفه في العالم الجديد من فظاعات وإبادة، عداك عن محاكم التفتيش وضحايا الحربين العالميتين..الخ. بينما نجد العقيدة الإسلامية الصحيحة التي لم ينشأ في حضنها أيّ ظاهرة فاشية، قد أسقطت العِرق واللون والجنس. والأَخطر من كل ذلك أن الغرب استبدل، في العصر الحديث، سيادة العدالة بسيادة القانون، لأن العدالة قانون عام، أما القانون فيتمّ وضعه تبعاً للمصالح ورؤية النظام. وأرى أن الإسلام قد أعلى العدالة باعتبارها أساس المُلك أي أساس الحكم.
-----------------------------
بقلم: المتوكل طه
* كاتب ومبدع فلسطيني

الجزء الأول من المقال "المساحات الرمادية"

مقالات سابقة في ملف "نحن والغرب"


مقالات اخرى للكاتب

الصِحافةُ الفلسطينيةُ تحتَ الاحتلال (1968-1993)