ماذا لو استبدل العرب والمسلمون مقاعدهم، مع الأوربيين والأمريكان المسيحيين؟
ماذا لو نشاهد بتلك العيون الأجنبية المختلفة عن عروبتنا وديننا، ما نرتكبه في منطقتنا العربية من مأسي ومجازر وجرائم قتل وسحل وتنكيل، ضد أنفسنا، ترتكب بكل أسف من عرب مسلمين ضد عرب مسلمين، بل إن بعض ضحايا تلك الجرائم من النساء والأطفال والمدنيين العُزّل؟!
هل تخيلنا كيف ينظر الغرب إلينا الآن؟ وأي وصف لنا لديهم، وأي طريقة يبحثون من خلالها عن سبل التعامل معنا؟
الواضح أننا في منطقتنا العربية المبتلاة والمنكوبة من العالم هذه، بتنا نفعل مثل النعام، ندفن رؤوسنا في الرمال، ونغض الطرف والبصر، عما يفعله بعضنا في بعض، ولا نريد أن يعرف العالم شيئا عنا، او قل نتجاهل ما يراه ويشاهده العالم مما يحدث عندنا، ثم نلومهم بعد ذلك علي ما يتخذوه من مواقف منا سواء فيما يتعلق بعدم احترامهم لحقوقنا في فلسطين او بلاد عربية اخري!
لننظر مثلا إلي السودان وما يحدث فيه من جرائم اغتصاب للنساء وقتل وسلب ونهب ترتكب كل يوم وكل ساعة هناك، فمنذ ان تخلي حكام مصر عن السودان، حين فضلت قياداته منذ نحو سبعين عاما الانفصال، والسودان يعاني ويئن تحت وطأة التخلف والقهر والاستبداد والتشرذم ، لينتهي به المطاف إلي انفصال الجنوب، ثم هجره الملايين من أبنائه، وترك بلادهم مجبرين بعد أن أصبحت فريسة ترتع فيها عصابات السطو والاجرام، يقاومها جيش أهمل حكام السودان تنظيمه وتقويته وتحديثه!
وفي اليمن السعيد انقسام سياسي، شبه مذهبي، بين مسلمين وعصبيات، بينما اذا نظرت لجغرافيا ليبيا ستجدها ايضاً شبه مقسمة بين قيادتين!
أما ما حدث في سوريا من جرائم قتل وسحل بشعة للمدنيين العزل، من نساء وأطفال ومسلحين مختلفين معهم من عرب ومسلمين، بأيدي مسلحين عربا ومسلمين ايضا، فهو كارثة أخلاقية يندي لها جبين الانسانية، جرائم بشعة حدثت هناك يجب أن نتوقف أمامها كثيراً بالبحث والتدقيق، لنسأل ونفكر ما الذي يؤدي برجل عربي مسلم مسلح يتحلي بزي جيش أن يقتل أخاه العربي المسلم ويسجله وينكل به أو يقتل إمرأة عربيه مسلمة ضعيفة لا تملك من أمرها شيئا ؟!
أي فكر هذا الذي سول لإنسان عربي مسلم ان يقتل بني وطنه وبني دينه هكذا، علي هوية دينية أو خلاف مذهبي أو سياسي؟
فما الذي حدث، وأين العرب الآن من وصف شاعرنا المصري العربي محمود حسن إسماعيل لهم في قصيدة دعاء الشرق التي تغني بها موسيقارنا العظيم محمد عبد الوهاب : "نحن شعب عربي واحد ضمه في حومة البعث طريق .. الهدي والهدي والحق من أعلامه وإباء الروح والعهد الوثيق"؟
أعتقد أنه بات من الملح والضروري علينا في تلك البقعة المنكوبه من العالم أن نعيد بحث ومراجعة تاريخنا، وفكرنا، ومناهجنا الدراسية والعلمية، وإننا لنرجو من قياداتنا السياسية، اليوم قبل غد وفي اسرع وقت ممكن، أن تعيد النظر في فتح أبواب الحرية، ونوافذ الاعلام وتمنح الفرصة لمثقفينا ودعاة الفكر والتجديد ، لمراجعة أحوالنا ومواجهة أخطائنا بكل صدق وشجاعة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لعلنا نصل وقد تأخرنا كثيراً، إلي أسباب كل هذا القدر من التخلف والتراجع الذي نعيشه في منطقتنا العربية.
-----------------------
بقلم: أسعد هيكل