الصبر مفتاح الفرج وهو حبس النفس عن التسخط والشكاية، وهو نقيض الجزع، وهو التجلد وحسن الاحتمال، وهو رغم صعوبته طريق للفوز والنجاح ، وخير الناس من أكسبته الابتلاءات رقة ومنحته إحساسا عاليا بمن حوله وبصرته بنفسه، ففهم ضعفه فتبتل خاشعا فى محراب ربه، والإنسان الصابر الراضى بقضاء ربه يرق قلبه لمن يراه يكابد نفس بلائه، ولو تجاوزه بعد حين وأصبح ماضيا.
ونصحنا أحد الشعراء قائلا:
صبرا جميلا على ما ناب من حدث
والصبر ينفع أقواما اذا صبروا
الصبر افضل شيء تستعين به
على الزمان إذا ما مسك الضرر
ويقول الإمام الشافعى:
صبرا جميلا ما أقرب الفرج
من راقب الله فى الأمور نجا
من صدق الله لم ينله أذى
ومن رجاه يكون حيث رجا
ويقول ايضا:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً
وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
ويوصينا الامام الشافعى:
دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لنازلة الليالى
فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا
وشيمتك السماحة والوفاء
ومن نزلت بساحته المنايا
فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن
إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين
فما يغنى عن الموت الدواء
ويرى مولانا جلال الدين الرومى أن الصبر يعنى أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة، وان تنظر إلى الليل فتري الفجر، أما نفاد الصبر ، فيعنى انك قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة، إن عشاق الله لا ينفذ صبرهم مطلقا لأنهم يعرفون أنه لكى يصبح الهلال بدرا فهو يحتاج إلى الوقت.
ورب العزة والجلال أمرنا بالصبر فى آيات كثيرة فى القرآن الكريم:
واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين (البقرة٤٥)
فاصبر إن العاقبة للمتقين (هود٤٩)
واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (هود ١١٥)
وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وانا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (البقرة١٥٥-١٥٧)
فأصبر صبرا جميلاً إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا (المعارج٥ـ٧)
يا أيها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين (البقرة١٥٣)
ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور (الشوري٤٣)
ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (النحل ٩٦)
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
"الصبر ضياء ، ومن يتصبر يصبره الله وما أعطى أحد عطاء خيراً من الصبر ، عجبا لأمر المؤمن إن امره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"
اللهم اجعلنا من الصابرين الواثقين فى رحمة الله وكرمه واجعلنا من الحامدين الشاكرين المستغفرين.
--------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج
حلقات سابقة من قطائف عجاجية