حكاية اختطاف المسيحيات وإجبارهن على الأسلمة حكاية قديمة قدم التاريخ الطائفى والطائفية فى مصر، وهذه الحكاية وتلك الفتنة تظهر عندما يراد لجماعات وتنظيمات دينية أو سياسية خارجية وداخلية، أيا كانت مسميات تلك القوى، بأن تقوم بعملية اختراق لوحدة الوطن استغلالا للمناخ الطائفى المتجذر تاريخيا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا. ودليل ذلك ما نراه الآن من إثارة تلك الفتنة ومن يقومون بها من بعض أقباط المهجر المغرر بهم باسم ادعاءات دينية وسرديات توراتية تجعلهم يأخذون موقفا سياسيا يناهض مصلحة الوطن ويصب فى صالح العدو، متصورين أنهم يؤدون خدمة جليلة للدين وللمسيحيين! إضافة لبعض الموتورين من المسيحيين المصريين فاقدى الثقة بالنفس والذين لا يجدون ما يحققوا به ذواتهم . فيقومون بأدوار عنترية وشعاراتية على منصات التواصل الاجتماعى تعويضا عن دور سياسى أو اجتماعى مفقود!
فهل هناك فعلا ما يسمى باختطاف المسيحيات؟ نعم هناك حالات اختفاء للمسيحيات. وهذا الاختفاء يمكن أن يكون نتيجة لحالات اغراء عاطفى أو جنسى لفتاة مسيحية . أو نتيجة لحاجة مادية أو حلا لأزمة أسرية تستحيل فيها الحياة ويتعذر الطلاق. وهذا اختفاء وليس اختطافا. وهل هذا يعنى أنه لا توجد حالات اختطاف؟ هنا حالة الاختطاف هذه جريمة مكتملة الأركان وتتخطى دائرة الاختفاء والأسلمة. وتدخل فى إطار الجريمة التى يجرمها القانون. ولذا فيجب فورا عدم الخلط بين الاختفاء والاختطاف.
كنت قد اتفقت مع الصديق المرحوم وائل الأبراشي على مناقشة تلك القضية فى برنامج الحقيقة حينذاك. وكان هدفى الذى أقنعت به وائل هو عرض القضايا بوضوح وصراحة حتى نسقط التقولات والتصورات والشائعات لنصل إلى حقيقة الأمر. هل هو اختطاف ام اختفاء؟ هل هو إرغام واكراه أم قبول واختيار؟ وقمنا باستضافة سيدة قيل أن لها بنتين تم اختطافهما من جانب أخوين مسلمين. وكان معنا أحد المتاجرين بالقضية والمرتزقين منها والمدافعين والمتواصلين مع منظمات قبطية أمريكية. وكان دائما يقوم بنفس الدور وهو ترويج أنها حالات اختطاف!
كنت فى الحوار خلال الحلقة مراعيا لمشاعر الام ولكن كنت متاكدا انها ليست حالة اختطاف، حيث أن الفتاتين كانتا قد ذهبتا قبل ذلك مع الشابين وعادتا ثم عادتا للذهاب مرة أخرى !! فكيف يكون هذا اختطافا؟ هنا أعلنت فى الحوار: على وزير الداخلية إحضار الفتاتين لمعرفة إذا كان الأمر اختطافا يحاكم المحتطفون فورا بالقانون . واذا كانت الفتاتان قد ذهبتا بإرادتهن فلهن ماتريدان. فحرية المعتقد حق دينى ودستورى وقانوني.
كان البرنامج مذاعا من السابعة إلى الثامنة فى دريم وبعده برنامج العاشرة. فوجئنا بمكالمة تليفونية من الرئيس حسنى مبارك يعلن فيها أنه أمر وزير الداخلية بأحضار الفتاتين لمعرفة السبب . وتم استضافتى مع الفتاتين فى القناة الأولى وقالتا لى: ( ارجوك قل لماما أننا قد ذهبنا بإرادتنا واختيارنا ).
فهل إثارة تلك الفتنة بهدف إحداث حالة فوضى مقصودة فى هذه الظروف والتحديات الخطيرة المحيطة بالوطن ستكون لصالح المسيحيين أو المسلمين؟ وهل إثارة فتنة ضد جهاز الأمن سيكون هذا فى صالح تلك القضية أو غيرها من القضايا؟
هنا نقول يجب فى حالات الاختطاف أو الاختفاء أن يتم مقابلة المتحول أو المختلف ومناقشته (وليس بالضرورة أن يكون رجل دين) ولكن من هم يمتلكون امكانية إجراء حوار موضوعى . للتأكد من حقيقة الأمر . فإذا كان اختطافا فليطبق القانون بلا هوادة . اختفاء يترك القرار للاختيار بين هذا وبين ذاك بعد المقابلة والحوار . مع العلم أن حالة الحوار كان معمولا بها حتى قام بالغائها حبيب العادلى!!
التحول ياسادة لن يضر الأديان، فالأديان أكبر من هذا. ولابد أن نعمل على تفعيل حرية الاعتقاد وتحقيق المواطنة التى تعطى المواطن الحق فى أن يعتنق ويؤمن بما يريد وما يعتقد. ولكنه صراع اجتماعى يدار على أرضية معركة صفرية لا يستفيد فيها غير من لايريدون للوطن الخير.
حفظ الله المصريين مصر وطنا لكل المصريين.
----------------------------
بقلم: جمال أسعد