18 - 05 - 2025

ارتفاع حصيلة قتلى معارك طرطوس واللاذقية إلى 147 شخصًا واعدامات ميدانية ونهب

ارتفاع حصيلة قتلى معارك طرطوس واللاذقية إلى 147 شخصًا واعدامات ميدانية ونهب

اندلعت اشتباكات بين السلطات الجديدة في سوريا ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 147 شخصًا خلال اليومين الماضيين، وفقًا لما أعلنه مرصد حقوقي يوم الجمعة، وذلك في أعنف قتال منذ انهيار النظام السابق.

واندلعت الاضطرابات في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وهما معاقل الأسد القديمة على ساحل سوريا المطل على البحر الأبيض المتوسط، بعد ان أصبحت المنطقة برميل بارود منذ الإطاحة بالأسد أوائل ديسمبر على يد تحالف من الفصائل المتمردة.

وبدأت الاشتباكات بعد ظهر الخميس بعد أن قتل موالون للأسد 16 عنصرًا من قوات الأمن التابعة للحكومة في ريف اللاذقية، في أعنف هجوم حتى الآن على قوات الأمن الجديدة في سوريا، وفقًا لمسؤولين حكوميين والمرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، والذي يراقب الحرب الأهلية السورية.

وردت الحكومة بقوة، حيث نشرت عشرات من عناصر الأمن في الريف ووجهت الآلاف الآخرين من مدن أخرى إلى الساحل في محاولة لإعادة فرض سيطرتها على بعض البلدات والقرى التي استولى عليها المسلحون ليلًا.

ولم تتمكن السلطات السورية من استعادة السيطرة الكاملة على بعض المناطق بعد ظهر الجمعة، مما أثار مخاوف من أن الحكومة الجديدة قد تفقد السيطرة على الساحل.

كما احتجز مسلحون موالون للأسد أفراد عدة من قوات الأمن كرهائن في مدينة جبلة الساحلية بمحافظة اللاذقية، حيث سيطروا فعليًا على المدينة، وفقًا لنور الدين بريمو، المتحدث باسم الحكومة في اللاذقية.

وألقى الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، باللوم في أعمال العنف خلال اليومين الماضيين على الموالين للنظام السابق، قائلاً إنهم يحاولون "اختبار" سوريا الجديدة وتفكيكها ودعاهم إلى إلقاء السلاح والاستسلام.

وقال في خطاب بثه التلفزيون السوري: "أهنيء الجيش وقوات الأمن على التزامهم بحماية وتأمين المدنيين أثناء ملاحقتهم لبقايا النظام السابق".

وشدد على ضرورة عدم سماح قوات الأمن "لأي شخص بتجاوز حدوده أو المبالغة في رد الفعل"، في إشارة إلى التقارير التي تحدثت عن عمليات قتل ارتكبتها قواته خلال اليوم، ولم تتمكن صحيفة نيويورك تايمز من التحقق من هذه التقارير.

وأضاف الشرع أن أي شخص ينتهك حقوق المدنيين الأبرياء سيُحاسب، وقال: "ما يميزنا عن عدونا هو التزامنا بمبادئنا".

ولم يتضح على الفور عدد القتلى الذين كانوا من المقاتلين من كلا الجانبين.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي وثقت الحرب الأهلية في البلاد لسنوات، إن عشرات المدنيين قُتلوا خلال يومين من العنف في طرطوس واللاذقية، لكن لم يكن بالإمكان التحقق من هذه الوفيات بشكل مستقل.

ويُظهر مقطع فيديو، تم التحقق منه من قبل رويترز ونيويورك تايمز، جثث ما لا يقل عن عشرين شخصًا يُعتقد أنهم أُعدموا رميًا بالرصاص في قرية المختارية العلوية، التي تبعد حوالي 12 ميلًا شرق العاصمة الإقليمية اللاذقية، ويمكن رؤية الدماء حول العديد من الجثث، بينما يعلو بكاء المشيعين فوقها.

وأصبحت المعارك على الساحل نقطة اشتعال للبلاد المنقسمة، التي تخرج من حرب أهلية استمرت ما يقارب 14 عامًا وأكثر من 50 عامًا من حكم عائلة الأسد.

وتصاعدت التوترات بشكل خطير، مما شكّل اختبارًا حاسمًا للقيادة الجديدة، التي أطاحت بالأسد عبر تحالف من الفصائل المتمردة، وأقامت حكومة انتقالية إسلامية سعت لترسيخ سلطتها.

وقال وزير الخارجية السوري المؤقت، أسعد الشيباني، في منشور على منصة "إكس" يوم الجمعة: "منذ اليوم الأول، ونحن نواجه حربًا سرية ومعلنة تهدف إلى كسر إرادة الشعب السوري"، وأضاف: "لقد خاضوا هذه الحرب عبر زرع الفوضى من جهة ومحاولة عزلنا سياسيًا في الخارج من جهة أخرى"، وتابع: "أطمئن شعبنا بأن سوريا اليوم اجتازت الاختبار مرة أخرى، وتمضي قدمًا نحو المستقبل بقوة وتصميم".

وقالت وسائل الإعلام الحكومية إن معظم سكان طرطوس واللاذقية احتموا في منازلهم يوم الجمعة، بينما كانت القوافل العسكرية تجوب الشوارع، ونفذت قوات الأمن عمليات "تمشيط" لاستئصال بقايا المسلحين الموالين للأسد.

وأثارت الاشتباكات وعمليات الأمن حالة من الذعر في أنحاء المنطقة الساحلية، وقال سكان في عدة قرى وبلدات إن قوات الأمن الحكومية هاجمت مدنيين أثناء عملياتها العسكرية.

وفي فترة ما بعد ظهر الجمعة، تدفق العشرات من أفراد الأمن إلى بلدة بسنادا في محافظة طرطوس لإجراء عملية تفتيش أمني، وفقًا ليامن، 31 عامًا، أحد سكان البلدة، الذي طلب عدم ذكر اسمه الكامل خوفًا من الانتقام.

وقال إنه كان يقف عند نافذة شقته في الطابق الخامس عندما رفع أحد أفراد الأمن بندقيته نحوه وأطلق النار باتجاه المبنى، وأضاف أنه شاهد بعد ذلك قوات الأمن وهي تعتدي على بعض جيرانه.

وقال جاد، البالغ من العمر 18 عامًا، والذي يعيش في بانياس، وهي ضاحية في أطراف العاصمة الإقليمية اللاذقية، إنه كان يحتمي في منزله مع أقاربه عندما اقتحمت قوات الأمن الباب الأمامي يوم الجمعة بعد الظهر، وطلب، هو الآخر، عدم ذكر اسمه بالكامل خوفًا من الانتقام، وأوضح أن القوات اقتحمت منزله وطالبت العائلة بتسليم الأموال والأسلحة، كما صادرت سيارة العائلة.

ولم يتمكن ممثلو الحكومة الجديدة في دمشق من التعليق على الفور على روايات الشهود.

وأدت الاضطرابات على الساحل إلى اندلاع احتجاجات متنافسة في جميع أنحاء البلاد، حيث خرج الآلاف إلى الشوارع في المدن الكبرى مساء الخميس ويوم الجمعة، إما لدعم قوات الحكومة أو للمطالبة بانسحابها من الريف الساحلي.

وكانت هذه أول مظاهرات واسعة النطاق ضد السلطات الجديدة منذ توليها الحكم، وشكلت المحافظات الساحلية تحديًا كبيرًا للحكومة ذات القيادة السنية، حيث تعد المنطقة معقل الأقلية العلوية في سوريا، بما في ذلك عائلة الأسد.

ومارس العلويون نفوذا واسعًا خلال حكم عائلة الأسد، على الرغم من أنهم لا يشكلون سوى 10% من سكان البلاد، وهيمنوا على الطبقة الحاكمة والمناصب العليا في الجيش.

ودعت الحكومة الجديدة جميع أفراد قوات الأمن التابعة للأسد إلى قطع علاقاتهم بالنظام السابق وتسليم أسلحتهم في "مراكز المصالحة".

وبينما استجاب الآلاف لهذه الدعوة، فإن بعض بقايا القوات الأمنية السابقة لم تفعل ذلك.

ونفذ مسلحون مرتبطون بحكومة الأسد هجمات متفرقة على قوات الأمن في اللاذقية وطرطوس في الأسابيع الأخيرة، لكن الكمين الذي وقع بعد ظهر الخميس بدا الأكثر تنسيقًا حتى الآن، وجاء وسط دعوات بين بعض الموالين للأسد لتنظيم مقاومة ضد الحكومة الجديدة.

وكانت الشوارع شبه خالية بحلول مساء الخميس في بلدة دريكيش الجبلية في طرطوس، مع انتشار أخبار الاشتباكات في المناطق الساحلية الأخرى، وفقًا لغمار صبح، 35 عامًا، وهو أحد السكان.

ثم، دوى إطلاق نار كثيف في أنحاء البلدة حوالي الساعة 8:30 مساءً، وفقًا لصبح، وبعد بضع ساعات، بثت بعض المساجد عبر مكبرات الصوت نداءً يدعو القوات الحكومية إلى التخلي عن أسلحتها ومغادرة البلدة.

وذكر صبح وسكان آخرون أن مسلحين حاصروا مركز المنطقة، حيث تمركزت بعض قوات الأمن الحكومية.

وكانت القوات الحكومية قد تخلت عن مواقعها في دريكيش بحلول فجر الجمعة، بينما أقام المسلحون نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية في البلدة، وفقًا للسكان.

وقال صبح: "لا أحد يعرف كيف تصاعدت الأحداث بهذه السرعة. من نسّقها؟ من هاجم؟ لا أحد متأكد تمامًا".

ووقعت الاشتباكات الليلية بعد ساعات من تنفيذ قوات الأمن عملية في ريف اللاذقية لاعتقال مسؤول في حكومة الأسد، وفقًا لمسؤول حكومي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام.

وأثناء مغادرة قوات الأمن لإحدى القرى، بيت عانا، تعرض موكبهم لكمين من قبل مسلحين، وفقًا للسكان والمسؤول نفسه، وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 16 عنصرًا من قوات الأمن، وفقًا للمرصد الحقوقي.

وأدى كمين بيت عانا إلى اندلاع اشتباكات إضافية بين القوات الحكومية والمسلحين الموالين للأسد في ريف اللاذقية، ودوّت أصوات المدفعية ونيران الرشاشات في المنطقة طوال فترة بعد الظهر، بينما فر المئات من بيت عانا والقرى المجاورة إلى الريف، بحسب السكان، ولم يتضح على الفور ما إذا كان أي مدنيين أو موالين للأسد قد قتلوا.

وفي مدينة طرطوس الساحلية، هتف المتظاهرون ليلة الخميس: "واحد، واحد، واحد — طرطوس وجبلة واحد"، في إشارة إلى منطقة جبلة حيث اندلعت الاشتباكات، وفقًا للسكان.

وفي مناطق أخرى من البلاد، بما في ذلك مدينة حمص وسط سوريا وإدلب في الشمال الغربي، خرج الآلاف في احتجاجات لدعم الحكومة، كما تجمع المتظاهرون في ساحة الأمويين في العاصمة دمشق بعد ظهر الجمعة، حيث دعا بعضهم إلى قمع بقايا المسلحين التابعين لحكومة الأسد.

ووضعت الأعمال العدائية المتصاعدة المجتمعات في اللاذقية وطرطوس في حالة ترقب، وعلى الرغم من أن كثيرين في المنطقة متشككون في السلطات الجديدة، فإنهم لا يدعمون أيضًا المقاومة المسلحة التي يشنها بقايا حكومة الأسد.

وكانت القوافل الأمنية تجوب الشوارع الجمعة، وقال أحمد قنديل، أحد زعماء العلويين في جبلة: "هناك حظر تجول كامل في المنطقة"، مضيفًا أن معظم الناس في البلدة يريدون استقرار الوضع.

وأضاف: "نريد الأمان والأمن" أكثر من أي شيء آخر، بما في ذلك المال لتوفير الاحتياجات الأساسية مثل الطعام، وتابع: "الوضع مربك للغاية".
--------------------
نيويورك تايمز