28 - 03 - 2025

استغلال الفنانين مادياً وأخلاقياً في المعارض التشكيلية المشبوهة

استغلال الفنانين مادياً وأخلاقياً في المعارض التشكيلية المشبوهة

يواجه العديد من الفنانين الشباب تحديات تتعلق بالاستغلال المادي والأخلاقي عند إقامة معارض لأعمالهم الفنية. يطلق عليها معارض السبوبة. هذه القضية تتطلب اهتمامًا عاجلاً من المجتمع الفني والمنظمات الثقافية لحماية حقوق الشباب وتوعيتهم لعدم إستغلالهم فى معارض وهمية. 

  ظهر مؤخرا فى الساحة التشكيلية شخص يدعى ادموند بطرس يقول أنه لبنانى ويحمل بطاقة شخصية من صعيد مصر!!! 

بدأت معرفتى بقصته بعد أن إتصل بى يطلب مشاركتى فى معرض كبير للفنانين يقيمه فى قاعة جريدة الأهرام بدون أى إشتراكات مادية، فهو رجل أعمال يهدف الى إستغلال القوة الناعمة فى التقارب بين الدول العربية، وأبلغنى أن الذى سيفتتح المعرض الدكتور وليد قانوش – رئيس قطاع الفنون – وبعد إلحاح فى طلب المشاركة بالتليفونات والرسائل. قبلت. وكانت المفاجأة عندما ذهبت بعد أن قام قانوش بالإفتتاح والمغادرة. وقف أدموند بطرس يوزع شهادات التقدير وعليها إسم وليد قانوش الذى إستغل منصبه فى جذب عدد كبير من الفنانين الكبار والشباب والهواة من سيدات البيوت وغيرهم. الأمر الذى أثار دهشتى من قبول الفنان وليد قانوش قبول مثل هذه الدعوة دون تحرى دقيق عن هذا الشخص ومآربه. الأمر الذى جعلنى أقبل المشاركة.

  أثناء توزيع شهادات التقدير كانت الصدمة التى أخرجتنى عن شعورى. فقد بدأ أدموند بطرس فى الحديث عن أهداف الشروع فى هذا العمل، وقال أنه عند المسيحيين ما يشبه الزكاة عند المسلمين تسمى "العشور" هذه العشور عندما ترسل للقسيس تصل الى مستحقيها بدل أن يأخذ معظمها فى الطريق من القسيس الى المستحقين. وقال أنه فكر فى أن يوزعها هو بنفسه فى عمل خير، وإختار الفنانين المصريين ليكونوا هدفا للإستحقاق.

  لم أتمالك نفسى وأنا أرفض هذه الإهانة، وقاطعته رافضا هذا الكلام وأن اى فنان مهما كان صغيرا فى السن لا يقبل هذا الكلام الغبى، وأن أى فنان حذاؤه بكل ما يملكه بطرس، وطالبته بالإعتذار بعد إعطائه درسا فى الكرامة والشرف، وأبلغت جموع الحضور عن نيته فى استخدامهم لكى يحقق بعض النشاطات الفنية التى من خلالها يستطيع طلب دعم من المنظمات الأوروبية المعنية بهذه الأمور، وسحبت عملى المشارك وخرجت وهو يهرول خلفى معتذرا مبررا أنه لم يكن فطنا فى اختيار الكلمات، وطلب منى المشاركة فى الإدارة، ولكنى رفضت وتركته وهو يكرر كلمات الإعتذار.

  وقلت فى نفسى هذا درس ربما يتعلم منه وربما يتعلم المشاركون، وتحاورت بعدها مع الفنان على سعيد ليبلغ صديقنا الفنان وليد قنوش بأن يتحرى عن أصحاب هذه المعارض ومن وراءها قبل أن يقبل دعوتهم فى إفتتاحات مثل هذه المعارض المشبوهة.

   نسيت الأمر بعدها. لأفاجأ بعودة هذا الأدموند بطرس بدعوة الفنانين الشباب للإشتراك فى معرضه الجماعى ولكن باشتراك قيمته ألف جنيه. علمت ذلك من إحدى الفنانات الشابات، وأبلغتنى بما هو أخطر. بأن بطرس هذا يتحرش بالفنانات سواء فى الإفتتاحات أو عبر التواصل الإجتماعى. 

  لم يكتف هذا المدعى الذى دخل على الفنانين بثوب التقى، بالإستغلال المادى وتحقيق مكاسب مالية دون مقابل عادل. بل تجاوز الأمر إلى إستغلال أخلاقى من خلال التلاعب العاطفى وإغراءات بالشهرة للفنانات المبتدئات ، ولدي بعض من الإسكرين شوت لمحادثات دارات من هذا النوع.

   ويزج الأدموند قطاع الفنون التشكيلية فى نشاطه المشبوه وببنط كبير الحجم يكتب فى الشهادة التى منحها لكل فنان:" فنون مصر تتقدم بالشكر والتقدير لمشاركة الفنان كذا كذا فى المعرض الجماعى –وببنط كبير- الذى افتتحه الفنان أ.د وليد قانوش رئيس قطاع الفنون التشكيلية". الأمر الذى يجعلنا مطالبة قانوش ممثل قطاع الفنون بإصدار بيان يوضح فيه موقفه مما يحدث. بل ومن واجب نقابة التشكيلين التدخل الفورى لوقف هذه المهازل والدفاع الحقيقى عن الفنانين والمطالبة بأخذ حقهم والدفاع عنهم وتوفير دعم قانونى لمساعدتهم فى مواجهة من يتجاوز فى حقهم، أو يفكر فى إستغلالهم.

  كذلك والكلام لنقيب التشكيليين النحات الكبير طارق الكومى الذى يلبى معظم دعوات الإفتتاح للمعارض. يجب تقييم المعارض والفعاليات الفنية من حيث الأخلاق والنزاهة ، وضمان عدم استغلال الفنانين ماديا أو أخلاقيا.

  كما أرى أن لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للثقافة يجب أن يكون لها توصيات خاصة بمساعة الفنانين الشباب لعرض أعمالهم، بل وتوصية لقطاع الفنون بإقامة دورات خاصة بهم حتى لا يلجأوا لهذه الفعاليات الوهمية التى تهدف الى الكسب بلا معايير ولا قيم ولا أخلاق.

   يجب أن يكون لوزارة الثقافة موقف من هذه الفعاليات وإصدار قرار بوقفها أو تنظيمها بشفافية توضح العائدات والتكاليف، ومتابعة النشاطات المجتمعية المرتبطة بنشاطات وزارة الثقافة . فبدلا من مخاصمة المؤسسات الأهلية ومحاربتها يجب أن تقيم شراكات معها تهدف الى دعم الفنانين الشباب وتقديم فرص عادلة لهم للمشاركة فى المعارض والفعاليات.  
-------------------------
بقلم: د. سامى البلشي

مقالات اخرى للكاتب

استغلال الفنانين مادياً وأخلاقياً في المعارض التشكيلية المشبوهة