02 - 05 - 2025

أهل السنة والجماعة: الفرقة الناجية بمنهج الاعتدال وثبات الحق

أهل السنة والجماعة: الفرقة الناجية بمنهج الاعتدال وثبات الحق

في خضم الاختلافات العقائدية والفكرية التي نشأت بين الطوائف الإسلامية على مر العصور، ظلّ أهل السنة والجماعة هم التيار الأكثر توازنًا واعتدالًا، متمسكين بثوابت الدين الحق كما جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة. فلم يُعرف عنهم الغلوّ في تقديس الأشخاص، ولم يسقطوا في فخّ تزييف النصوص أو تحريفها لخدمة أهوائهم، بل وقفوا عند حدود الوحي، غير مفرّطين في أحكامه ولا متجاوزين لحدوده.

الإيمان بجميع الرسل دون تفريق

يمتاز أهل السنة والجماعة بإيمانهم الراسخ بجميع رسل الله - عليهم السلام -، فلا يغلون في أحدهم ولا يحطّون من قدر أي نبيّ. قال الله تعالى:

﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (البقرة: 136).

وهذا الاعتدال يتناقض مع من ينحرفون عن هذا النهج، فيرفعون بعض الرسل فوق منزلتهم الحقيقية، أو يطعنون فيهم تبعًا لروايات باطلة.

احترام الصحابة الكرام وعدم الطعن فيهم

من أصول العقيدة السنية الاعتراف بمكانة الصحابة الكرام الذين نقلوا الدين وصانوا السنة. قال النبي ﷺ: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" (متفق عليه).

فبينما تطعن بعض الطوائف في الصحابة، وتشوه سيرتهم لأغراض سياسية أو مذهبية، يلتزم أهل السنة بالمنهج الشرعي الذي يحترمهم ويجلّهم، دون أن يؤلّههم أو ينزّههم عن الخطأ، لأنهم بشر يصيبون ويخطئون.

عدم التلاعب بالأحاديث النبوية أو تحريف القرآن

أهل السنة والجماعة هم أهل النقل الموثوق، حيث التزموا بنقل الأحاديث الصحيحة من خلال منظومة علمية دقيقة تعرف بـ"علم الحديث"، والتي تميز بين الصحيح والضعيف. لم يعتمدوا على الأحاديث الموضوعة كما تفعل بعض الطوائف التي تستخدم النصوص الملفقة لدعم أفكارها.

أما القرآن الكريم، فقد حفظه الله من التحريف، ولكن بعض الفرق حاولت تفسيره بطرق باطلة تخدم مصالحها، بينما أهل السنة يفسرونه وفق أصول الفهم الشرعي السليم، لا تبعًا للأهواء.

الثبات على صحيح الدين مقابل التفرق والانحراف

عبر التاريخ، أثبت أهل السنة والجماعة أنهم أهل الثبات، لم ينجرفوا مع التيارات المتطرفة التي خرجت عن صحيح الفقه والدين. فهم لا يغرقون في الغلوّ كما تفعل بعض الفرق الشيعية والصوفية، التي تصل أحيانًا إلى عبادة الأولياء والتبرك بالمقبورين، ولا ينحرفون إلى التشدد المفرط كما تفعل بعض التيارات التي تُنسب زورًا إلى السلفية.

أهل السنة هم ميزان الاعتدال

يمكن القول إن أهل السنة والجماعة هم ميزان الاعتدال في الأمة الإسلامية، فهم لا يميلون إلى الإفراط ولا إلى التفريط. وسطيتهم هي المنهج الذي يحفظ للأمة تماسكها، بعيدًا عن الغلوّ في الدين أو التساهل في العقيدة. وهذا ما يجعلهم الفئة الناجية التي أشار إليها النبي ﷺ بقوله: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي" (رواه الترمذي).

بهذا الفهم الوسطي، ظلّ أهل السنة والجماعة هم الامتداد الحقيقي للإسلام الصافي، الحريص على الحفاظ على نقاء العقيدة، بعيدًا عن التحريف والتبديل، وهم الدرع الذي يحمي الأمة من الانحرافات التي تتنازعها عبر العصور.

رمضان كريم
---------------------------
بقلم: عز الدين الهواري

مقالات اخرى للكاتب

محكمة الذكاء الاصطناعي التجارية: ثورة فى عالم العدالة الرقمية